الدكتورة سلام سميسم
خبير اقتصادي
الأمانة العامة لمجلس الوزراء
وزارة الدولة لشؤون المحافظات
(ملخص)
تسعى الإدارة اللامركزية الى تحقيق نمط جديد في الإدارة تكفل توزيعا شفافاً وعادلاً لأبواب الانفاق العام ويتجلى ذلك من خلال الأهداف أدناه:
- زيادة فعالية توصيل وأداء الخدمات العامة .
- زيادة الاستقلال الإداري من خلال تقليل التدخلات الإدارية المركزية.
- السماح بزيادة المشاركة المجتمعية في الشؤون العامة.
- زيادة درجة الشفافية والمحاسبة للبيروقراطيين وللممثلين المنتخبين وللمؤسسات السياسية.
- زيادة العدالة في توزيع الموارد.
- زيادة التنمية المجتمعية.
رأي آخر:
كذلك تؤدي اللامركزية على الأقل في الأمد القصير الى زيادة الفساد في إدارات المحافظات والبلديات التي لا تكون مؤهلة غالبا للتعامل مع المسؤوليات الجديدة.
- الفساد المحلي يؤدي الى تدهور التمويل العام والخدمات العامة، حيث ان التمويل العام يتم توجبه من جانب المسؤولين الفاسدين لخدمة مصالحهم .
- الفساد يميل الى التناقض نتيجة المزج بين تفويض السلطة وبين الرقابة المالية من خلال المستويات الحكومية المختلفة مع تحديد المسؤوليات.
- دراسة قدمت الى مؤتمر " اللامركزية وتمكين المجتمعات المحلية 3-3 مابو 2010" الذي نظمته وحدة دعم سياسات اللامركزية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية / جامعة القاهرة
يعتبر الفساد السياسي من الظواهر التي لا يكاد يخلو منها إي نظام سياسي ، وان كانت شدة الفساد وحدته ودرجته وشموليته يمكن إن تختلف من نظام سياسي الى أخر وفقا لعدة اعتبارات ترتبط بدرجة الشفافية الموجودة داخل النظام السياسي، ومدى النجاح او الاخفاق في سياسات مكافحة الفساد ، وتوجد العديد من الدراسات التي تتناول الفساد في دول ونظم ومجتمعات مختلفة وتعرض هذه الدراسة لمدخل يتسم بالجدية في دراسة الفساد وهو العلاقة بين الفساد واللامركزية الإدارية.
وبمعنى أخر هل يمكن إن تسهم اللامركزية في مكافحة وتراجع الفساد؟ وماهي الشروط والمتطلبات اللازمة لذلك؟ ام ان اللامركزية على العكس من ذلك تساعد على إيجاد المناخ اللازم لازدهار وتزايد ، ام انه لا توجد علاقة مؤكدة بين الفساد واللامركزية؟.
تستند الدراسة المعاصرة الى فكرة جوهرية وهي ان الفساد وما يؤدي اليه من استياء وعدم رضاء عن النظام السياسي وقدراته وكفاءاته يؤثر سلبا في الشرعية من خلال تقبيل درجة التقبل والرضاء عن النظام السياسي وتحميله مسؤولية الفساد وانتشاره من جانب المواطنين، وبحيث يصبح النظام مسؤولا عن جميع أشكال الفساد
داخل الدولة ، وذلك في ظل الحكم المركزي، بينما في ظل اللامركزية تتزايد فرص الرقابة والحساب والمتابعة على المستويات المحلية ، مما يقلل من احتمالات الفساد نسبياً، كما ان الفساد في حالة ظهوره سيكون مسؤولية هذه الوحدات اللامركزية،بدلا من ان يكون مسؤولية الحكومة المركزية او النظام ككل ، وبالتالي لن تنعكس اثاره السلبية على النظام ككل.
وبمعنى أخر ،فان الأخذ باللامركزية من شأنه ان يحدث نتيجتين على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للفساد وللنظام السياسي وهما:
- تقليل درجة الفساد ومكافحته في حالة ظهوره ( في حالة توافر شروط ومتطلبات معينة).
- عدم التأثير السلبي في النظام السياسي او انخفاض شرعيته بفعل إعمال الفساد ،بل ستصبح هذه الإعمال الدالة على الفساد في حالة ظهورها مرتبطة بالإطار المحلي وليس بالإطار المركزي، ومن شان ذلك الحليولة دون توجيه الاتهام للحكومة المركزية بالتورط في إعمال الفساد او كونها تتخذ الفساد كسياسة متعددة او ممنهجة .
- وربما تكون النظرة الصحيحة الى اللامركزية وعلاقتها بالفساد السياسي هي النظرة النسبية والمقارنة ،بمعنى ان اللامركزية قد لا تعبر عن نجاح دائم في مكافحة الفساد في جميع الاحيان، كما انها لاترتبط بالضرورة بزيادة الفساد وانتشاره او الاخفاق المطلق في مكافحته ، فهناك حالات نجحت فيها اللامركزية في مكافحة الفساد،وتوجد حالات أخرى أخفقت فيها ، ويتعلق الامر في النهاية بالبيئة والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسلوكية التي توجد في المجتمع محل البحث،وهذا ما يفسر الاستفادة الواضحة لبعض المجتمعات من تطبيق اللامركزية والأخذ بها ،وتضرر البعض الأخر من تطبيقها وخصوصا من زاوية درجة او حدة الفساد السياسي.
ويذهب فريق من دعاة اللامركزية ومؤيديها الى إن اللامركزية هي السبيل الوحيد لتفعيل المحليات وترشيد القرارات وتجنب إهدار الموارد وتفادي الفساد،ولذلك فان الدراسة الموضوعية لأثر اللامركزية في الفساد تتطلب دراسة حالات
مقارنة،وكذلك دراسة الواقع المصري لمعرفة البيئة والظروف والمتطلبات التي تساعد على انجاح او اخفاق اللامركزية في مواجهة الفساد.
أولاٌ : اللامركزية والفساد السياسي ( المستوى النظري)
- التعريف باللامركزية
تعرف اللامركزية في معناها العام بانها عملية نقل السلطة من المركز الى المحيط،كما بعرفها البعض بأنها تنطوي على نقل مسؤولية التخطيط والإدارة وزيادة وتخصيص الموارد من الحكومة المركزية الى وحدات أخرى تتمتع بسلطات شبه مستقلة او الى سلطات محلية او تنظيمات خاصة او تطوعية،ويمكن الحديث عن إبعاد متعددة للامركزية ذات طبيعة إدارية وسياسية ومالية.
فمن الناحية الإدارية،فان اللامركزية تنطوي على نقل السلطة الإدارية والمسؤولية الإدارية راسياً من المستويات العليا الى المستويات الإدارية الأدنى او افقياً الى سلطات أخرى مساوية.
ومن الناحية السياسية،فان اللامركزية هي بمثابة إيجاد أجهزة او كيانات منفصلة بموجب القانون عن الحكومة المركزية وسيكون لممثليها المحليين المنتخبين سلطة رسمية في اتخاذ القرار في عدد من المسائل العامة.
اما اللامركزية المالية فيمكن ان تكون سياسية او إدارية او كليهما ولكنها تتميز او تختلف من حيث المسؤولية المالية.
ويستهدف الأخذ باللامركزية في اغلب الأحيان تحقيق الديمقراطية والحكم الرشيد كما تسعى اللامركزية الى تحقيق الغايات التالية:
- زيادة فعالية توصيل وأداء الخدمات العامة.
- زيادة الاستقلال الإداري من خلال تقليل التدخلات الإدارية المركزية .
- السماح بزيادة المشاركة المجتمعية في الشؤون العامة.
- زيادة درجة الشفافية والمحاسبة للبيروقراطيين وللممثلين المنتخبين وللمؤسسات السياسية.
- زيادة العدالة في توزيع الموارد.
- زيادة التنمية المجتمعية.
ويلاحظ ان قدرة اللامركزية كسلاح في محاربة الفساد يمكن إن يحد منها عدم القدرة على تطبيق اللامركزية بصورة جيدة،ولذلك فان وجود دور قوي للامركزية في مكافحة الفساد يتأثر ويرتبط بالقدرة على تطبيق اللامركزية بنجاح،إضافة الى توافر البيئة الملائمة لمواجهة الفساد،سواء من النواحي السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية ،ولعل قدرة اللامركزية على مواجهة الفساد وتحقيق الشرعية تتمثل في مدى جعل الحكومة قريبة من الناس وتحسين الاتصال بينهما،وبحيث تصبح الحكومة أكثر استيعاباً للمطالب المحلية،مما يؤدي الى تزايد القبول والشرعية في مايتعلق بخيارات العلاقات العامة وتعرض الورقة فيما يلي الاثار الايجابية والسلبية للامركزية في مكافحة الفساد الإداري
2- الآثار الايجابية للامركزية (الحد من الفساد)
يمكن القول إن اللامركزية لم تعد شاناً داخلياً بحتاً،بل أصبحت تحظى بنوع من الاهتمام الدولي ويجد ذلك الوضع تفسيره في ارتباط اللامركزية بالديمقراطية ،حيث أصبحت الأخيرة تحظى بدورها بدرجة كبيرة من الاهتمام الدولي ويرتبط ذلك أيضا بان الفساد كظاهرة قد أصبح يحظى بدرجة كبيرة من اهتمام المجتمع الدولي، ولذلك فكثيراً ما يتم الربط بين المركزية المتشددة والفساد. وبنفس المنطق، فانه يمكن الربط في حالة توافر بيئة وشروط معينة بين اللامركزية ومكافحة الفساد،ولذلك نجد إن معظم الدول النامية التي تشهد تحولات ديمقراطية تعلن أنها قد أدخلت اللامركزية وتطبيقها،ويمكن الإشارة في هذا الصدد على سبيل المثال الى الأردن والمغرب وباكستان والمكسيك وغيرها.
ويمكن تحديد الدور الايجابي للامركزية في مكافحة الفساد والحد منه في الجوانب التالية:-
أ) تركيز اللامركزية على المساءلة،حيث تؤدي الى توفير أداة قوية لمحاربة الفساد ،فاللامركزية لاتعبر فقط عن تحويل السلطات او المسؤوليات وإنما تعنى ايضاً تحويل ونقل المساءلة ،ويلاحظ ان وسائل مكافحة الفساد قد تكون مباشرة اوغير مباشرة وتعتبر اللامركزية وسيلة غير مباشرة وفعالة في مكافحة الفساد ،نظراً لما تؤدي اليه من إيجاد المساءلة والمحاسبة على المستوى المحلي.
ويمكن القول انه على الرغم من إمكانية حدوث الفساد على جميع المستويات ،فان بعض الدراسات قد خلصت الى انه اقل حدوثاً في المستويات المحلية وهو ما تعكسه دراسة اللامركزية في أوغندا والفلبين على سبيل المثال،كما انه وفقاً للتقارير والدراسات الخاصة بالشفافية الدولية،فان الفساد يمكن ان يعالج بصورة أفضل في المستويات المحلية مقارنة بالمستويات القومية وهو ماتثبته التجربة الفنزويلية.
ب) اللامركزية وتقليل حرية الحكومة المركزية في التصرف،فقد أظهرت الدراسات وجود علاقة وثيقة بين الفساد وحرية التصرف ،ولذلك فان الإقلال من حرية البيروقراطية المركزية والتنفيذية في التصرف،وتقوية الحكومات المحلية من شأنه تقليل الفساد ،وخصوصا اذا ارتبط ذلك بتوافر شروط ومواصفات معينة على المستوى اللامركزي او المحلي.
جـ) اللامركزية والمحاسبة،يمكن النظر الى اللامركزية باعتبارها أداة مهمة في مكافحة الفساد من خلال مواجهتها للنقص في الشفافية والمحاسبة في النظام الحكومي المركزي ،فاللامركزية المالية تحديداً قد تؤدي الى توفير دافع مهم للسلوك الرقابي ،وقد اثبتت الدراسات ذلك،حيث ان اللامركزية في جانب النفقات الحكومية قد ارتبطت بوضوح بدرجة اقل من الفساد.
د) تقليل انحراف المسؤولين على المستوى اللامركزي ،وهو ما أثبتته الدراسات،وخصوصاً في المناصب التي يتم توليها من خلال الانتخاب ،حيث يحاول أصحاب هذه المناصب تعظيم فرص إعادة انتخابهم من خلال زيادة الاهتمام بالأهداف
الاجتماعية ورغبات الأهالي على المستوى المحلي وبتراجع الانحراف لان من المفترض إن المنتخب سيتجه الى الأفضل والأقدر على خدمته.
هـ)تقليل الدافع للفساد الحكومي ،ففي حالات عديدة ومتكررة يكون انخفاض الرواتب والمكافآت للموظفين من الأسباب الرئيسية التي تدفعهم الى الحصول على الرشاوى او الكسب غير المشروع والتربح وغير ذلك من إعراض الفساد،بينما أعطاء السلطة للمسؤولين المحليين في تخصيص الموارد المحلية يجعل من السلطات المحلية غير مجبرة على انتظار قرارات وموافقات البيروقراطية المركزية،بل تتمتع السلطات المحلية بالاستقلالية في مجال الموارد المحلية وتخصيصها مما يمكنها من تحسين الحالة المالية للموظفين المحليين من خلال أداء جيد لهم وزيادة المكافأة عليه مما قد يسهم في الحد من الفساد.
و) إمكانية تحقيق مساءلة اكبر من خلال عملية التحول الديمقراطي ،فقد انطوى التحول الديمقراطي في العديد من الدول النامية على اتساع نطاق اللامركزية ،فتبنى اللامركزية لتكريس الديمقراطية بالمحليات يمكن ان يوفر أداة مهمة لمحاربة الفساد فتجربة تايلاند على سبيل المثال في تعزيز اللامركزية قد نتج عنها مستويات اكبر من المشاركة المباشرة على المستوى الشعبي مما دفع الجماهير الى التحرك ومكافحة الفساد ،كما ساعدت المشاركة المجتمعية في كولومبيا على إيجاد حكومات محلية فعالة وأكثر عرضة للمساءلة ،كما أدى ذلك أيضا الى تحقيق تقدم في مكافحة الفساد في فيتنام وباكستان.
وتوضح هذه الأمثلة والنماذج ان اللامركزية تسهم في حالات ونماذج معينة وبتوافر بعض الشروط والمتطلبات في مكافحة الفساد دون ان يعني ذلك ان اللامركزية مسؤولة تماماً وحدها عن التحسن في محاربة الفساد،بل يتطلب الأمر إضافة الى توسيع نطاق اللامركزية ان يكون هناك إصلاح اقتصادي حقيقي وإدارة جيدة ونظام تقييم للنتائج والمخرجات ،إضافة الى التنافس في مجال تقديم الخدمات.
3- الآثار السلبية اللامركزية(زيادة الفساد)
ذهب بعض الباحثين الى نتائج معاكسة لما تقدم وخلصوا الى ان الفساد يمكن ان يكون أكثر انتشاراً في الدول اللامركزية ،وذلك لان تداخل اختصاصات الخدمات العامة في ظل غياب التنسيق المركزي سيؤدي الى حدوث انقسامات غير محدودة وانتشار الرشاوى وتتعدد الوسائل والأساليب غير الأخلاقية من جانب المسؤولين الفاسدين وتتعدد طرق إخفائها ويجد هذا الوضع تفسيره في ان اللامركزية وتفويض السلطة يمكن ان تساعد في ظهور سبل وطرق ومستويات جديدة للفساد،بالإضافة الى كون الحكومة المحلية أكثر ضعفاً بالمقارنة بالحكومة المركزية وأكثر ندرة في الكفاءات مقارنة بالمستوى المركزي،فضلا عن عامل أخر قد يساعد على زيادة الفساد على المستوى اللامركزي وهو فقدان الثقة في نزاهة السلطات المحلية ومدى البعد عن العاصمة ،حيث تتجه احتمالات الفساد الى التزايد مع زيادة البعد عن العاصمة.
كما يرى البعض ان اللامركزية قد لا تؤدي دائماً الى نتائج ايجابية في مكافحة الفساد السياسي خصوصا مع سيطرة النخب المحلية ،حيث تثبت التجربة الروسية وتجربة دول امريكا اللاتينية مع اللامركزية .ان كثافة الخدمات العامة قد ترتفع بعد الاتجاه الى اللامركزية ولكن النخب المحلية تستطيع تحويل هذه الخدمات لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب الشعب وربما يدفعنا ذلك الى التساؤل عن درجة الفائدة المتوخاة من تحويل بعض الخدمات الى اللامركزية في مصر مثل العلاج على نفقة الدولة وهل يقضي ذلك على الفساد الذي كان موجودا على المستوى المركزي او يزيد منه ؟ويمكن القول ان احتمال قيام اللامركزية بدورها كأداة لمحاربة الفساد قد يعوقها عدم قدرة الحكومة على تصميم وتطبيق اللامركزية جيدا، فالادارة الضعيفة لمبادرة اللامركزية تساعد في مضاعفة بؤر الفساد وقد يفسر ذلك أيضا بضعف استعداد النظام السياسي لتطبيق اللامركزية الحقيقية مما يؤدب الى ظهور المشاكل والأزمات مع تطبيق اللامركزية ،ولذلك تثبت خبرة الفلبين والارجنتين عل
سبيل المثال ان هناك موجات من المركزية واللامركزية ،اي تفويض السلطة والرجوع عن هذا التفويض في مرحلة لاحقة.
كما يمكن ان تؤدي اللامركزية على الأقل في الأمد القصير الى زيادة الفساد في إدارات المحافظات والبلديات التي لا تكون مؤهلة غالبا للتعامل مع المسؤوليات الجديدة ،ولذلك فقد حذر البنك الدولي من ان تفويض وتحويل جزء كبير من موارد الدولة الى المستويات المحلية التي لا تملك خبرة سابقة كبيرة يؤدي الى المخاطرة بالمال العام والذي يساء استخدامه،ففي ماليزيا على سبيل المثال أدت سياسة الحزب الحاكم التي انتهجها لرفع حصص الأغلبية المالاوية في الاقتصاد الى زيادة ملحوظة في المحسوبية والمحاباة وفساد الإدارة المحلية.
وينشأ الفساد في ظل اللامركزية في أحيان كثيرة لنقص المحاسبة والشفافية ،حيث يؤدي التكتم والسرية غالبا الى إساءة استخدام الموارد العامة،ولذلك تلجأ العديد من النظم والحكومات الى إقامة مؤسسات واليات بهدف زيادة الشفافية والمحاسبة في الحكومات اللامركزية.
ويشمل ذلك ضرورة الالتزام بقواعد معينة للسلوك والتصرف او أداء قسم معين قبل تولي الوظيفة ووجود ضوابط وتوازنات على مستوى الحكومة المحلية وزيادة مشاركة المواطنين ،كما تتم الاستعانة في بعض الحالات بالأجهزة المتخصصة في مكافحة الفساد لرقابة سلوك وأنشطة موظفي الحكم المحلي.
ويمكن القول ان تغليب المصالح الشخصية والسياسات الحزبية ومحاباة الأقارب تعتبر من أهم أسباب انخفاض المحاسبة والشفافية في الحكم اللامركزي ،حيث يقوم أعضاء المجالس المحلية الذين تسيطر عليهم النزعة الأنانية بالاستفادة من الفرص الجديدة التي تتيحها الهياكل والأبنية اللامركزية للحصول على منافع شخصية ،وفي هذه الحالة الأداة التي يمكن من خلالها ان تصبح الموارد التي كانت مركزية قريبة من النخبة المحلية والتي يمكن ان تمارس عملية نهب واستيلاء عليها مما يؤدي الى تآكل وتراجع المحاسبة والشفافية ويساعد على ظهور ونمو الفساد،ويمكن في هذا
الصدد الإشارة الى مثال من الهند ،حيث أدى إيجاد مجالس منتخبة ولا مركزية الموارد الى تزايد الفساد على المستوى المحلي في ولاية كارناتاكا.
ويستخلص مما تقدم ان البعض يرى في اللامركزية احد التطبيقات الناجحة لمكافحة الفساد،بينما يرى البعض الأخر ان اللامركزية تهيىء الظروف المناسبة لانتشار الفساد ويمكن إثارة تساؤل في هذا الصدد يتعلق بمدى تأثير الفساد في اللامركزية ،فمن الملاحظ إن الموظفين الفاسدين على المستوى المركزي يمكن ان يمثلوا تياراً معارضاً للامركزية لما يترتب على الأخيرة من تنازلهم عن سلطات ومهام واختصاصات للمستويات المحلية مما يضعف من قدراتهم على الاستئثار بالسلطة او القرار او اتخاذ القرارات في ما يتعلق بتوزيع الموارد،ولذلك ورغبة في الاستئثار بهذه المهام والسلطات والاختصاصات فأنهم يمثلون معارضة اللامركزية.