محمد فوزي

قاضي الاحوال الشخصية : شرط الزواج العقل والدراية

 

 

زواج القاصرات في العراق تلك القضية الني استفحل امرها مؤخرا لا تزال قصصها تطل علينا بين فترة واخرى وانها اصبحت ظاهرة لا تتوقف وما بين التشريع القانوني والظلم الابوي تظل القضية قائمة .

سارة تجارة رابحة

سارة كانت في يوم ما ابنة صغيرة ارغمت على الزواج من رجل طاعن في العمر حتى يتخلص اهلها من عبئها عليهم كانت تجارة رابحة اكتسبوا من زوجها مبالغ كبيرة كبرت تلك الصغيرة واكتشفت غيرة زوجها عليها لذلك كان يعنفها دائما كي يقتل انوثتها وباستمرار تطلب الطلاق لكنه يزداد عنادا ويطلب مبلغا كبيرا مقابل الطلاق تلتجـأ لاهلها فتنكروا لها وتركوها تتسول في الطرقات لتسديد المبلغ المطلوب .

قلة وعي ارادة الاب

فتاة في عمر الزهور دون الـ 18 من عمرها ولكنها اصبحت اما ( غ . ن ) قد تختلف قصتها عن قصة سارة تزوجت بظروف خارجة عن ارادتها هروب من واقع الحياة من واقع اسرة تسودها المشاكل وتختفي منها روح المحبة والثقة وينعدم فيها أي امان ادى الى اندفاع الفتاة بالتمسك باي خيط للخلاص من هذه الاجواء ممثلا بزواجها في سن مبكرة على الرغم من كونها غير مستعدة لهذا الزواج نفسيا وفسيولوجيا مجبرة ومكرهة من والدها بقلة وعيه فعندما تتحول المودة والرحمة الى قطيعة والحب الاسري الى كره والتعاون الى صراع وشقاء ما يجعل من البيت بيئة طاردة تؤثر على نفسية الفتاة وهي في سن حرجة فتجعلها تلجأ الى الزواج المبكر .

للقانون كلمتة

اهتمت الشريعة الاسلامية الغراء ببناء الاسرة اهتماما عظيما وذلك من خلال تنظيم محكم للعلاقات بين الزوجين ببيان حقوق وواجبات كل منهما تجاه الزوج الاخر ليؤدي كل منهما دوره في بناء الاسرة السعيدة .

بهذا الصدد يوضح القاضي وليد عبد الملك عبد الله من محكمة الاحوال الشخصية في الكرخ ان الله سبحانه وتعالى عندما خلق الكون اراد ادامة الخلق عن طريق اقتران الرجل بالمرأة وخلق الذكر والانثى حتى تستمر الحياة وتتكاثر الحياة ومن شروط صحة الزواج العقل والبلوغ ولا ينعقد زواج المجنون والصغير.

 ويضيف قائلا ان لشروط بلوغ الزواج امرين احدهما ظهور العلامات على الفتاة وعند الاخر خشونة الصوت وغزارة الشعر والبلوغ يختلف من بيئة الى بيئة اخرى فالمناطق الحارة تبلغ البنت بعمر 7- 12 سنة  قبل الذكر في حين المناطق الباردة يتاخر سن البلوغ الى 14 سنة في حين ان مناطق البادية عتدما يرون الفتاة قد بلغت مبلغ الرعي وذهبت مع والدتها وتسترت هذا يعني بلوغها حتى لو كان عمرها 10 سنوات وهذه الحالة نراها لدى المناطق الزراعية .

وفي قانون الاحوال الشخصية ذكر عبد الملك ان بعض الدول العربية لا تاذن للقاصر بالزواج واذا ما حدث فان امرهم الى اجازة القاضي اما في العراق تكون اجازة القاصر بعد اذن الولي فقانون الاحوال الشخصية يشترط في اهلية الزواج العقل واكمال الـ 18 عندها لا يصح العقد لمن كان احدهما دون هذه السن ويعطي التقدير للقاضي وبرضا الوالدين في تزويج الفتاة بين الـ 15 و18 عاما لذلك يشدد ويشجع بتوجيه كلامه للقضاة ان زواج القاصرين اذا ما رأوا عندهما العقل والدراية فيكونان خير زوجين كونهما يتربى على خلق واحد .

 

ضعف في الوعي وعدم الانسجام

حالات زواج متزايدة للقاصرات يقابلها حالات طلاق متزايدة وذلك لوجود ضعف في الوعي وعدم الانسجام الحاصل بين الشاب والفتاة وهم في اعمار مبكرة وخاصة التغيير المفاجئ في حياة الشاب بوجود مسؤولية كبيرة هي الزوجة التي تحتاج لكل وسائل المعيشة والراحة وتكوين اسرة متكاملة لا ينقصها أي شئ ونرى ان الزوجة ايضا يوجد عندها قصور في بعض الاحيان لكونها بعد الزواج تفاجئ ايضا بوجود مسؤولية فوق عاتقها من كل النواحي الاجتماعية والاسرية .

ولتناول الموضوع من باب البحث الاجتماعي تشير الباحثة الاجتماعية زينة عادل مسؤولة مكاتب البحث الاجتماعي في استئناف الكرخ الى ما يرد من طلبات الزواج باعمار مبكرة تتراوح بين 14- 16 عاما تاتينا طفلة لا تدرك الحياة الزوجية وكيف تتحمل الرجل ولا تعرف التعامل مع اهل الزوج ويعود سبب ذلك الى الاسر التي لا تعير اهمية لتعليم لاولادها وبناتها ما اثر بصورة سلبية على حياتهم الاجتماعية حيث ان الشباب والفتيات لا يكملون دراستهم العلمية في بعض مجالاتها يكونون فاقدين للوعي الفكري .

وعرجت الباحثة في جانب اخر من حديثها ان الشاب عندما يتزوج في سن مبكرة وهو لم يكمل الـ 18 من عمره فهذا يؤثر في حياته المادية والعلمية لكونه لم يكمل الدراسة الاعدادية فليس لديه أي وعي فكري واجتماعي لبناء الاسرة المتكاملة وخاصة عندما تكون الزوجة تعاني من نفس المشاكل حيث انها قاصرة لم تكمل الـ 16 من عمرها وهي في مقتبل الحياة ولم تكمل الدراسة الابتدائية ففي هذه الحالة كيف يستطيعون بناء اسرة متكاملة وتربية اجيال يطورون المجتمع وذلك بسبب قلة الوعي الحاصل بين الزوج والزوجة لصغر سنهم عند الزواج ما يؤدي الى حصول تفكك اسري سريع بعد الزواج .

 

الهروب من صالة الولادة

الزواج المبكر يؤثر سلبا على صحة المرأة اذ ان التغييرات الجسمية قد لا تكون مؤثرا عن التكامل الفسيولوجي والوظيفي والاستعداد للحمل والولادة .

 عن ذلك وجهنا سؤالنا الى الدكتورة اخلاص منصور اختصاص نسائية وتوليد في مستشفى اليرموك التعليمي عن موقف الطب من ظاهرة تزويج القاصرات اذ بينت خطورة الظاهرة على المجتمع واثارها السلبية وبينت ان اهلية الزواج تكتمل باتمام 18 سنة للفتى والفتاة معا فيما يعود للقاضي وحده الاذن دون هذا السن معللا المصلحة والاسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لابوي القاصر او نائبه الشرعي .

ومضت في حديثها ان ما يردنا من محاكم الاحوال الشخصية ارسال استمارة الفحص بعمر 14 سنة لائقة بحالة 1-2 يوميا أي ما يقارب 30 -40 شهريا وذكرت حالة حصلت في صالة الولادة لفتاة قاصر وهي حامل قد هربت من الصالة وتم اللحاق بها وهددت من عمتها بالطلاق لذلك تطالب القضاة في مجلس القضاء الاعلى ان ترسل اليهم استمارات الفحص ( لائق) وان تكون الفتاة قد اكملت الـ 16 عاما وبخلاف ذلك تترتب اثار صحية ونفسية منها التعرض لولادة مبكرة والتعرض لعمليات قيصرية وتسمم الحمل وزيادة وفيات الاجنة وزيادة وفيات الامهات .

اما من الناحية النفسية كشفت منصور ان زواج القاصرات يؤثر في نفسيتها من خلال اهتزازات نفسية وعصبية والسن الامثل وفقا لتصنيف علماء النفس من سن 20- 40 عاما اذ تكون الفتاة قد استقرت تفسيا ولها المقدرة على تحمل مسؤولية تكوين الاسرة وانجاب الاطفال .

  

انتهاك للطفولة

من جانبها بينت الست جنات الغزي من منظمة حرية المرأة ان الزواج من فتاة قاصر لا يبني اسرة كريمة ويعتبر مثل هذا الزواج في حقيقته استغلال جنسي فاضح لجسد فتاة قاصر وانتهاك للطفولة وسوف تكون لعبة بيد من يتزوجها ويستغلها جسديا بدون اية عواطف انسانية متبادلة تذكر من اجل متعته الخاصة فقط لكونها صغيرة جدا فهي غير مهيأة لا نفسيا ولا جسميا ولا فسيولوجيا ولا عقليا ولا ثقافيا لمثل هذا الزواج فتتحمل القاصر عبئا لا قدرة لها عليه ولن تفهم دورها به مطلقا وقد يستغلها هذا الزوج حسب رغبته وشهوته مقابل ان يغريها بالعلكة والشوكولاته بداية واذا لم تقبل فقد يلجأ الى ارهابها وتخويفها وحتى الى اغتصابها عنوة وهذا هو الظلم بعينه .