المقدمة

احتلت نظرية الدفوع مكانة هامه في فقه قانون المرافعات والاجراءات المدنية لما تمثله هذه النظرية من حجر زاوية مهم في الدعوى المدنية ، وما ينتج من الاخذ بتلك الدفوع سواء كانت موضوعية ام شكليه تغير مسار الدعوى لمصلحة طرف من اطراف النزاع ، ويبرز الدفع بعدم دستورية القوانين الذي يتم طرحه اثناء نظر الدعوى من اهم هذه الدفوع كونه يوجه الى القاعدة القانونية التي تحكم ذلك النزاع ، والمراد تطبيقها على واقعة الدعوى المنظورة.

فسهام هذا الدفع توجه الى مرحلة مهمة من مراحل نظر الدعوى الا وهي مرحلة التكيف والمقصود منها اسناد الواقعة المتنازع عليها الى نص قانوني يحكمها ويقوم بهذا العمل القاضي المختص بنظر النزاع ، وعند الاخذ بمثل هذا الدفع يتم تعطيل مرحلة التكيف مؤقتاً . لحين البت في دستورية ذلك النص القانوني من عدمه ، كما برزت اهمية الدفع بعدم الدستورية مؤخراً اذ بقى هذا الدفع بين طيات كتب المرافعات المدنية لسنين طويلة ، دون ان يكون له اي دور في الواقع القضائي واقتصر تداوله على شراح القانون الدستوري والمرافعات المدنية . وكان عبارة من نظرية صرفه لا تمت بالدفوع المتداولة بأي صلة. وذلك لعدم وجود اي قواعد قانونية يمكن انه تستند اليها عند الدفع بعدم الدستورية. الا ان هذا الحال قد تغير بعد سنة ٢٠٠٣. وانتقال العراق الى مرحلة اجتماعية وسياسية جديدة اذ فتحت هذه المرحلة ابواب جديدة كانت موصده ، واصبحت السلطة التشريعية عند اصدارها القوانين مقيدة بالدستور الذي اوجب عليها ان تكون تلك القوانين موافقة للدستور وان لا تتعارض معه وبخلاف ذلك يكون ذلك القانون عرضه للإلغاء والاعدام بعد صدوره من قبل المحكمة الاتحادية العليا . والتي كان لها دوراً ريادياً في صيانة الدستور بصورة عامة. وتكريس مبدأ الرقابة القضائية بطريقتي الالغاء او الامتناع على التشريعات النافذة. وبهذا خطى القضاء العراقي العادي.

وكذلك القضاء الدستوري المتمثل بالمحكمة الاتحادية العليا خطوه مهمة في سلم التقدم القضائي وما يمثله هذا من رقي للدولة و المجتمع العراقي اسوة بالدول والمجتمعات المتحضرة ، ولكون دستور العراق النافذ لسنة ٢٠٠٥ قد نص على وجوب تشكيل المحكمة الاتحادية العليا بقانون.

ولكون مثل هذا المشروع اصبح حديث الكثير والشغل الشاغل لجميع شرائح المجتمع ولم يقتصر على مجموعة بعينها ، وذلك لما يمثله هذا القانون من اهمية استثنائية في الدولة العراقية الحديثة ولما تمثله الرقابة القضائية على دستورية القوانين من اهمية كبرى ومن ضمن انواعها رقابة الامتناع المتمثلة بالدفع بعدم الدستورية الذي يثور من قبل الخصوم اثناء نظر دعوى اعتيادية ولوجود ضبابية في موضوع الطعن بعدم دستورية القوانين بصورة عامة والدفع بعدم الدستورية بصورة خاصة لدى الكثير من المتصدّين بهذا الشأن ولهذه الاسباب تم اختيار موضوع الدفع بعدم الدستورية للبحث فيه وقد تقسم البحث الى اربعة فصول تناولت في الفصل الاول ماهية الدفع وسلطت الضوء في المبحث الاول وبمطلبين الاول تعريف الدفع لغةً ثم اصطلاحاً. اما المبحث الثاني فقد تم تكريس لدراسة انواع الدفوع وبثلاثة مطالب الاول بحثنا فيه الدفوع الشكلية والثاني تم بحث الدفوع الموضوعية اما الثالث فتم بحث موضوع الدفع بعدم القبول. اما الفصل الثاني فقد تم تسلط الضوء فيه على موضوع الرقابة على دستورية القوانين وبمبحثين الاول تم تكريسه للرقابة القضائية وتم دراسة انواع هذه الرقابة وتقدير الرقابة القضائية اما المبحث الثاني فقد تم تسليط الضوء فيه على الرقابة السياسية من حيث الاسلوب وتقدير تلك الرقابة . اما الفصل الثالث فقد تم تخصيصه لأحكام الدفع بعدم دستورية القوانين باعتباره دفعاً فرعياً وتم تقسيمه الى مبحثين الاول تم تسليط الضوء فيه على ماهية الدفع بعدم الدستورية وتكيف هذا الدفع والشروط الواجبة حتى يمكن الاخذ بهذا الدفع من عدمه. اما المبحث الثاني فقد تم تكريسه للإجراءات الواجبة الاتباع عند الدفع بعدم الدستورية من قبل محكمة الموضوع والمحكمة المختصة بنظر الطعن بعدم الدستورية اما الفصل الرابع فقد تناولنا فيه اثار الدفع بعدم دستورية القوانين الناتج عن صدور حكم قضائي بناء على الدفع بعد الدستورية وقد تم تكريس المبحث الاول للحكم الصادر في الدعوى الدستورية الناتجة عن دفع بعدم الدستورية اما المبحث الثاني فقد تم تخصيصه لحجية الحكم الصادر في الدعوى الدستورية الناتجة من الدفع بعدم الدستورية وختمنا بحثنا بجملة من النتائج والمقترحات.

والله ولي التوفيق

القاضي

كاظم عباس حبيب

رئيس محكمة استئناف بابل الاتحادية

حزيران ٢٠١٢ ميلادي - شعبان المعظم ١٤٣٣ هجري

انقر هنا لمشاهدة او تحميل البحث كاملاً