رؤية دستورية
المقدمــــة
الانطلاق من مُسلَمة ان القواعد الدستورية تحتل المكانة العليا في سُلم التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة يقتضي ان تسمو القواعد الدستورية على كل ما عداها من قوانين و اجراءات تتخذها السلطات العامة في الدولة بما فيها السلطة التشريعية.
و الواقع ان موضوع المحاكم الدستورية ودورها في صيانة احكام الدستور من الانتهاك وما يسميه الفقه الدستوري "الرقابة على دستورية القوانين" بات من المواضيع المهمة لارتباطه بموضوع الدولة القانونية التي يعد اهم مصداق من مصاديقها خضوع جميع السلطات العامة فيها للقانون عموما و للدستور بشكل خاص كونه القانون الاسمى.
هذا السمو للقواعد الدستورية سيبدو بلا معنى لو كان بمقدور السلطات العامة انتهاكه ، لذلك حرص الفقه الدستوري و منذ وقت مبكر على ضرورة احتواء الدساتير على وجود هيئة رقابية تتمتع احكامها بصفة العُلوية تتولى النظر في مدى ملائمة القوانين للدستور بصفته القانون الاعلى فضلا عن تفسير القواعد الدستورية و صلاحيات اخرى تتفاوت ضيقا و اتساعا بين التجارب الدستورية المختلفة.
و من هنا تأتي تجربة العراق مع المحكمة الاتحادية العليا التي تضمنها قانون ادارة الدولة ثم الدستور العراقي لعام 2005 ، و لسنا هنا بوارد دراسة تجربة المحكمة الاتحادية من حيث وجودها او صلاحياتها فقد كتب في ذلك الكثير انما نحاول الاجابة في هذه الورقة البحثية المختصرة عن سؤال مفاده: هل ان وجود اعضاء في المحكمة الاتحادية العليا من غير القضاة يؤثر على نوع الرقابة الذي تمارسه المحكمة بوصفها هيئة قضائية ام لا ؟ بعبارة اخرى هل هناك تلازم بين نوع الرقابة الذي تمارسه المحكمة وطبيعة اعضائها.
علي عيسى اليعقوبي
باحث في القانون الدستوري
كلية الحقوق / جامعة اوفيرن- كليرمونت فيرون 1 الفرنسية