بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس القضاء الأعلى
رئاسة محكمة استئناف الرصافة الاتحادية
محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب
رقم الدعوى: 1747/ش/2009 التاريــــخ : 6/9/2009
تشكلت محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب بتاريخ 6/9/2009 برئاسة القاضي السيد سالم روضان الموسوي المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي:
المدعيــــــة/ (س. م. ع.) ـ وكيلها المحامي (ط. ي.)
المدعى عليهم/ 1- (ر. ع. م.)
2- (خ. خ. م.) إضافة للتركة ـ وكيلتهم المحامية (ز. ع. هـ.)
3- (م. ع. م.)
القرار
لدعوى المدعية وللمرافعة الحضورية بحق المدعى عليهم الأول والثاني والغيابية العلنية بحق المدعى عليه الثالث، حيث ادعت بان هذه المحكمة كانت قد أصدرت القسام الشرعي العدد 439 في20 /4/ 2009 للمتوفاة (أ. ع. م. ع.) بناء على طلب المدعى عليه الأول ولم يدرج اسم المدعية ضمن الورثة وهي عمة المتوفاة لأبيها ، ولا يوجد للمتوفاة فرع وارث وهي على المذهب الحنفي، وتطلب الحكم بتصحيح القسام الشرعي وإدخالها بين الورثة ، اطلعت المحكمة على صورة القسام الشرعي وأوليات إصداره ، كما اطلعت على صورة قيد الأحوال المدنية للمتوفاة (أ. ع. م. ع.)، وصورة قيد الأحوال المدنية لوالد المتوفاة (ف. م. ع.)، ثم استمعت إلى الطرفين وبين وكيل المدعية إن سبب إقامة دعوى موكلته يتمثل في كونها ترث من ابنة أخيها وفق الأحكام القانونية والشرعية، ثم دفعت وكيلة المدعى عليهم برد الدعوى، لأن القسام الشرعي صحيح وموافق للأحكام الشرعية والقانونية، ومن خلال التحقيقات التي أجرتها المحكمة وجدت إن المدعى عليه الأول كان قد طلب إصدار قسام شرعي للمتوفاة (أ. ع. م. ع.) المتوفاة بتاريخ 15/5/2006 ، وبناء على طلبه صدر القسام الشرعي العدد 439 في 20/4/2009 وحصر ارث المتوفاة (أ. ع. م. ع.) بأولاد عمها المدعى عليهم الذكور البالغين (ر. ع. م.) و((خ). و (م.)) أولاد (خ. م.) ولا وارث سواهم .ووجدت المحكمة إن المدعية هي العمة لأب المتوفاة (أ. ع. م. ع.) ، والمدعى عليهم أبناء عم المتوفاة وان آبائهم أخوة أشقاء لوالد المتوفاة . ثم أحيلت الدعوى إلى الخبير القضائي الذي قدم تقريره وبين فيه إن المدعية لا ترث من ابنة أخيها معللا ذلك بما جاء بأحد القرارات التمييزية ، وتجد المحكمة إن تقرير الخبير أصبح واجب الهدر والإهمال لأنه تعدى حدود الخبرة الفنية في الاحتساب إلى الدخول بالمسائل القانونية، حيث أن حالة الحجب من عدمه مسألة قانونية تتعلق بالمحكمة .ومن خلال الرجوع إلى أحكام القانون النافذ تجد المحكمة إن المادة (89) من قانون الأحوال الشخصية النافذ، جاء في صدرها ما يلي (الوارثون بالقرابة وكيفية توريثهم ) ومن ثم حددت هؤلاء الوارثون وجاء في البند (3) من تلك المادة (الأعمام والعمات والأخوال والخالات وذوي الأرحام ) وهؤلاء من المرتبة الثالثة في تسلسل المادة (89) وهم الذين ينتمون إلى جد المتوفاة وهم الأعمام والعمات والخالات على الإطلاق، ويستدل من هذا القول إن المشرع العراقي كان يقصد وضع النص بصيغته الحالية وانه قد اختار الكلمات بعناية مقصودة وليست عارضة، حيث أشار إلى ترتيب الأقارب بمراتب وكل مرتبة حدد فيها مجموعة منهم ، وجعل المذكورين في المرتبة الأولى هم الأقوى من المرتبة الأخرى وهكذا وجعل كل من ذكر في المرتبة وارث مع الأخر وعلى وفق الأقوى والأقرب هو الذي يرث المتوفى ومن ملاحظة المواد القانونية التي تنظم المواريث في الباب التاسع المواد (86-91) كان المشرع واضح القصد في وضعه لمفردة القرابة وليس العصبات، ويرى المختصون في تفسير النصوص بان صيغة النص يقصد بها التعبير بالألفاظ عن الصور الذهنية وهي المعاني، فاللفظ هو القالب الذي يتجسد فيه المعنى المراد إيصاله .وحيث إن القاعدة القانونية من صفاتها العموم فان اللفظ في النصوص القانونية تكون عامة لجميع الأفراد . كما يرى بعض الفقهاء (ما من عام إلا وقد خص) والمراد بذلك قصر العام على بعض ما تناوله اللفظ المعبر عن إرادة المشرع ، وذلك على وفق ما ذكره الدكتور محمد شريف احمد في كتابه الموسوم (نظرية تفسير النصوص المدنية ) مطبعة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ـ طبعة عام 1979 ـ ص 56. وهذا يدل بوضوح على إن المشرع العراقي أراد في نص المادة (89) أحوال شخصية هو تعدد المراتب في الأثر ، بحيث تكون المرتبة الأولى الأقوى وتليها الأخرى وهكذا ، أما القول بخلاف ذلك فانه يتقاطع مع حكمة النص ومنطوقه، إذ يرى بعض شراح قانون الأحوال الشخصية ومنهم الدكتور احمد الكبيسي في كتابه الموسوم الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ـ الجزء الثاني ـ مطبعة الرشاد ص149 ، حيث ذكر ما يلي ((تكلم قانون الأحوال الشخصية العراقي عن الوارثين بالقرابة وكيفية توريثهم في المواد (89, 90, 91) وبمجموع هذه المواد نستدل على إن المشرع العراقي قد أبقى على الإرث بالتعصيب على ما كان عليه قبل التشريع)) ولم يبين الدكتور الكبيسي ، ما هي مؤشرات الاستدلال على هذا الرأي وإنما أطلقه على وجه العموم والإجمال، وهو ما لا ترى المحكمة فيه صواب التحليل وحسن الاستقراء ، لان النص واضح ولم يشير إلى مفردة التعصيب مطلقا . كما ذكر في موضع آخر من ذات المصدر أعلاه في الصفحة 150 ما يلي (( لقد التبس الأمر على البعض حتى توهم بان المشرع العراقي قد اخذ بنظام التوريث بالقرابة المعمول به عند الجعفرية وسبب هذا التوهم هو ورود كلمة القرابة بدل العصبة في نص المادة (89) ولان هذه المادة عددت الوارثين بالقرابة بفقراتها الثلاث ، فظن بعض القضاة إنها تعني تصنيفهم إلى المراتب المعروفة عند الجعفرية ,ولأنها أدرجت الأخوال والخالات مع الأعمام والعمات في فقرة واحدة . كل هذه الظواهر قد أوقعت بعض الشراح في خطأ ظاهر)) والملاحظ من القول المذكور انه لم يبين ماهية الخطأ الذي وقع فيه الشراح وهو يشير إلى علاء الدين خروفه عندما ذكر في كتابه الموسوم شرح قانون الأحوال الشخصية ـ الجز الثاني ـ مطبعة المعارف ـ بغداد 1963 ص 383 عندما قال (إن المشرع العراقي قد اخذ بنظام التوريث بالطبقات)، كما وجدت المحكمة عدة قرارات تمييزيه بهذا الاتجاه ومنها قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز العدد 11/شخصية /1964 في 28/3/11962 الذي أشار إلى عدم الأخذ بنظام المراتب لان الحجب يحتاج إلى نص صريح ، وترى المحكمة إن هذا التوجه غير منسجم مع النص النافذ لان بعض الأقارب في نص المادة (89) يحجب بعضهم البعض سواء كان حجب حرمان أو حجب نقصان ، ولم تشير نصوص القانون إلى ذلك الحجب بشكل صريح ومع ذلك يحجبون ومثال ذلك فيما يتعلق بنص الفقرة (1) من المادة (89) عندما حددت ذوي المرتبة الأولى وهم (الأبوان والأولاد وأولاد الأولاد وان نزلوا) وهؤلاء يحجب بعضهم بعض فالأولاد يحجبون أولاد الأولاد إذا اجتمعوا معهم، ومع ذلك لم ينص عليه في القانون بشكل صريح .وهذا أساس مخالفة توجه محكمة التمييز لنص المادة (89) من قانون الأحوال الشخصية النافذ، في تأسيسها لعقيدتها في نقض قرار محكمة الموضوع المشار إليها أعلاه عندما أخذت بنظام المراتب ، كما وجدت المحكمة إن بعض الآراء تشير إلى إن غاية المشرع وقصده من وضع النص المذكور وهو التعداد فقط وليس الترتيب ، وعلى وفق ما أشار إليه الدكتور احمد الكبيسي في الصفحة 151 من ذات المصدر المشار إليه أعلاه ، وهذا أيضا يخالف قواعد التفسير الصحيح لان النص القانوني يرتب حكم ملزم ولا يوجد نص قانوني يوضع عبثا ، وإنما له حكمه يقصدها فالمشرع بذكره لمفردة القرابة بدلا من العصبة ، وجعله على شكل مراتب مشابه للطبقات كان قاصدا لها وواعيا لمعناها وأثارها القانونية، لان من أهم الوسائل الرئيسية المباشرة لاستخراج الحكم من النص هو الاستعانة بمنطوق النص وهيئته التركيبية ، وهو ما يسمى بدلالة المنطوق، كذلك الاستعانة بمفهوم النص سلبا وإيجابا .أي بمعنى المفهوم الموافق والمفهوم المخالف، ولم نجد في مفهوم المخالفة للنص ما يشير إلى خلاف ما قصده المشرع بوصفه لمفردة القرابة وترتيبها على مراتب عدة ، وهذا العرض يقود المحكمة إلى أن نص المادة (89) كان يدل على إن الوارثون من الأقارب إذا كانوا في مرتبة واحدة فإنهم يرثون المتوفى على أساس التزاحم بينهم فيحجب الأقرب الأبعد، وهو ما عملت به بعض المذاهب الإسلامية ومنهم الأمامية ، ولا يعفي ما أشارت إليه المادة (90) من الأخذ بهذا الرأي لان نص تلك المادة يلزم مراعاة أحكام المادة (89) عند تطبيق نص المادة (90) ، وعند التوقف عند الجملة التي وردت في صدر المادة (90) التي تنص على ( مع مراعاة ما تقدم يجري توزيع ....) فان كلمة مراعاة في اللغة تدل على (المحافظة والإبقاء على الشيء . و الإرعاء هو الإبقاء ) وعلى وفق ما ورد في كتاب - لسان العرب - ابن منظور ج 14 ص 329 ، كذلك فان المعنى لوجود هذه الجملة يدل على إن المشرع قصد الإبقاء على نص المادة (89) وان التوزيع يكون بموجب الأحكام الشرعية النافذة على وفق الترتيب الذي ذكرته تلك المادة ، ووجهة النظر هذه عززها قرار الهيئة العامة في محكمة التمييز العدد 113/هيئة عامه/ 85/ 86 في 15/1/86 ، الذي أشار إلى ( إن مشاركة بنت الأخ أخاها الشقيق ميراث عمها لأنهم بدرجة واحدة في مراتب الإرث .استنادا لأحكام المادة (89) أحوال شخصية) منشور في كتاب المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز ـ قسم الأحوال الشخصية ـ للقاضي إبراهيم المشاهدي طبعة عام 1989 ص 10 ، وهذا القرار الأحدث من الهيئة العامة يشير إلى إن المشرع العراقي كان يقصد العمل بنظام المراتب في التوريث وليس نظام العصبات ، ومن كانوا في مرتبة واحدة، فإنهم يرثون مع الآخرين، ومما أثار الإشكال لدى بعض ممن يعترضون على إن المشرع العراقي قد اخذ بنظام الطبقات في نص المادة (89) هو ما تشير إليه المادة (90) من قانون الأحوال الشخصية ، حول مراعاة ما تقدم في توزيع الأنصبة على الوارثين بالقرابة وفق الأحكام الشرعية التي كانت مرعية قبل تشريع القانون، على اعتبار إن الفقه الحنفي كان هو السائد قبل صدور القانون، ولا بد أن تراعى أحكامه في مثل الحالة محل نظر هذه الدعوى ولا يقبلون بفرضية اخذ المشرع العراقي لنظام الطبقات في الحالات التي أشار إليها في النص، علما إن المشرع العراقي عند إصداره لقانون الأحوال الشخصية النافذ قد ضمن مواده بأحكام من مذاهب متعددة والزم بها المحاكم في تطبيقها على الجميع، حتى وان كانت مذاهبهم لا تعمل بها، ومنها ما يتعلق بالوصية الواجبة فان المذاهب الإسلامية لا تأخذ بها إلا المذهب الظاهري ، ومع ذلك قد اخذ به المشرع العراقي لكونه يلتمس المصلحة العامة وكذلك في حال ميراث البنت الواحد والأخت الشقيقة وعدد مرات الطلاق وغيرها مما جاء في نص القانون المذكور ، وهذا المسعى لا يعد مخالفة للأحكام الشرعية على وفق ما يرى البعض لان هذه الأحكام من المسكوت عنها في القران والسنة، واختلف فيها فقهاء المسلمين مما يتيح لولي الأمر المتمثل بالمشرع الذي يصدر القوانين المنظمة للحياة العامة في البلاد أن يختار ما يراه مناسب لمتطلبات الحياة وظروف تطورها، وفي رأي للمحكمة الدستورية العليا في مصر بقرارها المرقم 201 لسنة 2002 عند تصديها للطعن بعدم دستورية قانون الخلع المصري رقم 1 لسنة 2000 وكان الطاعن يرى انه يخالف الأحكام الشرعية ، ورد الطعن وكان من بين هذه الحيثيات التي بررت بها دستوريته هو سلطة ولي الأمر في أن يختار ما يراه مناسب من الأحكام الفقهية وعلى وفق ما يلي ( لا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها فهذه الأحكام وحدها هي التي لا يجوز الاجتهاد فيها إذ تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان. وعلى خلاف هذا، تأتى الأحكام الظنية سواء في ثبوتها أم دلالتها أم فيهما معاً. فهذه الأحكام هي التي تنحصر فيها دائرة الاجتهاد، ولا تمتد إلى سواها، حيث تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها، وعلى أن يكون هذا الاجتهاد واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة الإسلامية بما لا يجاوزها، متوخياً تحقيق المقاصد العامة للشريعة بما يقوم عليه من صون الدين والنفس والعقل والعرض والمال. ولئن جاز القول بأن الاجتهاد في الأحكام الظنية حق لأهل الاجتهاد فأولى أن يكون هذا الحق ثابتاً لولى الأمر يستعين عليه في كل مسألة بخصوصها، وبما يناسبها بأهل النظر في الشؤون العامة. وأية قاعدة قانونية تصدر في هذا الإطار لا تحمل في ذاتها ما يعصمها من العدول عنها وإبدالها بقاعدة جديدة لا تصادم حكماً شرعياً قطعياً، وتكون في مضمونها أرفق بالعباد، وأحفل بشئونهم، وأكفل لمصالحهم) ، كذلك وجدت المحكمة إن تصديها لتفسير نص المادة (89) من قانون الأحوال الشخصية النافذ كانت قد راعت أصول تفسير النصوص ومن بينها اللجوء إلى الأعمال التحضيرية لإصدار القانون والأسباب الموجبة تعد جزء من هذه الأعمال التحضيرية التي يستدل بها على نية وقصد المشرع عند وضعه للنصوص ففي الأسباب الموجبة للقانون المذكور ذكر ( إن ثورة 14 تموز جعلت من أهدافها الأولى وضع قانون موحد يكون أساس لإقامة بناء العائلة العراقية في عهدها الجديد ويكفل استقرار الأوضاع فيها ويضمن للمرأة حقوقها الشرعية واستقلالها ) ومن معرفة المناخ السياسي والاجتماعي السائد وقت صدور القانون وسيادة الأفكار التحررية والتقدمية يستدل على إن المشرع قد سعى للأخذ بالأحكام التي تساعد المرأة على الحصول على حقوقها وتقليل حالات الحرمان من أي حق، ووجد في نص المادة (89) من القانون ما ينسجم وهذا التوجه المشار إليه في الأسباب الموجبة لإصداره ، بالإضافة إلى أن القاضي علاء الدين خروفة عندما تصدى لشرح هذه المادة في كتابه الموسوم شرح قانون الأحوال الشخصية ـ الجز الثاني ـ مطبعة المعارف ـ بغداد 1963 ص 383 ذكر ما يلي (نصت هذه المادة على طريقة توريث القرابة وهذه الطريقة مأخوذة من مذهب الأمامية ، وكانت مدونة في مشروع قانون المواريث المصري) وهو الأقرب إلى المناخ السائد في حينه وقراءته لأحكام القانون كانت مستمده من خلال ما كان شائع في حينه وهو القاضي الأزهري لأنه خريج جامعة الأزهر ولا طعن في خلفيته الدينية بمعنى انه كان يدرك ما يكتب في ما يتعلق بالأحكام الشرعية التي شرحها وعرج عليها في كتابه أعلاه ، كما إن المحكمة اطلعت على دفع البعض بالحديث النبوي الشريف الذي ينص على (العمات يورثن ولا يرثن) وهذا الموضوع رد عليه السرخسي وفنده وبين فحواه في كتابه المبسوط ج 30 ص 3 عندما أشار إلى (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ميراث العمة والخالة قال نزل جبريل عليه السلام وأخبرني أن لا ميراث للعمة والخالة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يستخير الله تعالى في ميراث العمة والخالة فنزل عليه والوحي أن لا ميراث لهما ومن قال بتوريثهم استدل بقوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله معناه بعضهم أولى من بعض وقد بينا إن هذا إثبات الاستحقاق بالوصف العام وانه لا منافات بين الاستحقاق بالوصف العام والاستحقاق بالوصف الخاص ففي حق من ينعدم فيه الوصف الخاص يثبت الاستحقاق بالوصف العام فلا يكون ذلك زيادة على كتاب الله) بمعنى إمكانية التوريث ولا يعد ذلك مخالفة لنص الحديث الشريف ، كما ذكر السرخسي أيضا في ذات الصفحة من المصدر المشار إليه أعلاه إلى حديث نبوي شريف يؤكد على توريث الخالات والعمات وكما يلي ( قال النبي (ص) الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له وفى حديث آخر قال عليه السلام الخال وارث من لا وارث له يرثه ويعقل عنه ولما مات ثابت الدحداح رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيس بن عاصم المنقري هل تعرفون له فيكم شيئا فقال انه كان فينا ميتا فلا نعرف له فينا إلا ابن أخت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه لابن أخته أي لخاله بن عبد الله المنذر) وهذا ما يؤكد إن ما اخذ به المشرع العراقي كان مستمدا من الأحكام الشرعية وله وجود في فقه المذاهب الإسلامية ، لذلك ومما تقدم وحيث إن المحكمة قد تلمست القواعد الصحيحة في تفسير النص القانوني للمادة (89) أحوال شخصية وما عززته بآراء للفقهاء والشراح وقرار الهيئة العامة في محكمة التمييز العدد 113/هيئة عامة /85/86 في 15/1/86 فإنها ترى إن ذكر العمة للمتوفاة مع أبناء العم في مرتبة واحدة يتيح لها أن تكون من بين الورثة وتتزاحم معهم في الاستحقاق والحجب والأنصبة، وحيث إنها الأقرب إلى المتوفاة كونها تدلي إليها بواسطة جدها لأبيها وأبناء العم يدلون إلى المتوفاة بعمها والذي يدلي إليها عن طريق جدها لأبيها فتكون العمة هي الأقرب وتحجب أبناء العم وبذلك تكون هي الوريثة الوحيدة للمتوفاة لعدم وجود احد من أصحاب الفروض الذين يحجبون الأقرباء من العمات أو الأعمام أو أولادهم وحيث إن تقرير الخبير القضائي هو وسيلة لمساعدة المحكمة في تقدير الأمور الفنية والحسابية وليس الأمور القانونية فان المحكمة أهدرته ولم تجد فيه ما يصح أن يكون سبباً للحكم وحيث إن القاضي هو خبير الخبراء ومما تقدم وبالطلب قرر الحكم بتصحيح القسام الشرعي الصادر من هذه المحكمة العدد 439 في 20/4/2009 وجعل انحصار ارث المتوفاة (أ. ع. م. ع.) بورثتها عمتها لأبيها (س. م. ع.) وأبناء عمومتها الذكور البالغين (خ. خ. م.) و ((ر.) و(م.)) أولاد (ع. م.) ووالديها متوفون قبلها ولا وارث سواهم وهم على المذهب الحنفي ، وتصح المسالة الارثية من سهم واحد للعمة لأب (س. م. ع.) ولا شيء لأولاد العم كونهم محجوبون بالعمة لأب و تأشير ذلك في سجل القسامات بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية وتحميلهم الرسوم والمصاريف وأتعاب محاماة لوكيل المدعية المحامي (ط. ي.) مبلغ مقداره خمسة آلاف دينار استنادا لأحكام المواد 89, 90 أحوال شخصية 21, 25, 59, 140 إثبات 161,163 ,166, 300 مرافعات 63 محاماة حكما حضوريا بحق المدعى عليهم الأول والثاني وغيابيا بحق المدعى عليه الثالث قابلا للاعتراض والتمييز وافهم علنا في 6/9/2009 الموافق 15/رمضان/ 1430 هـ.
القاضي
سالم روضان الموسوي