القاضي سالم روضان الموسوي

هذه الورقة كتبت لبيان اثر الصياغة التشريعية في الحكم القضائي وكيف يكون لمفردات النص القانوني دور في خلق المراكز القانونية وقسمت الورقة إلى ثلاثة فروع الأول عن الفئة المستهدفة في التشريع وإمكانية المشاركة في صياغة النصوص القانونية على وفق النظريات الحديثة في علم الصياغة التشريعية، والفرع الثاني عن الآثار الاقتصادية للتشريع ودور صياغته في تنظيم النشاط الاقتصادي أو تعطيله مع الاستشهاد في بعض النصوص القانونية التي تشكل غموض عند التطبيق وبيان مواطن الخلل فيها، أما الفرع الثالث تضمن عدد من الأحكام القضائية التي أصدرتها المحاكم العراقية وفيها عرض لكيفية التعامل مع النصوص عندما لا تكون جازمة وجزلة وواضحة المعنى مما يؤدي إلى كثرة الاجتهاد فيها بمسارات متباينة تؤثر في الحياة الاجتماعية للأفراد متوخيا في كل ذلك لفت الانتباه إلى أهمية الصياغة التشريعية ودورها في تعزيز السلم الأهلي والاجتماعي.

والله ولي التوفيق

القاضي

سالم روضان الموسوي

بغداد 11/جمادي الأولى/1433ه الموافق4/4/2012

الفرع الأول

الجمهور التشريعي و صياغة القوانين

الفصل بين السلطات مبدأ استقر العمل به في اغلب نظم الحكم وأصبح من سمات الأنظمة الديمقراطية، ونلاحظ إن الجميع يتمسك به ويدرج في دساتيرهم، حتى وان كان نظاما شموليا وديكتاتوريا، وهذا المبدأ من انعكاساته ظهور السلطة التشريعية وأوكلت لها مهمة رئيسية تتمثل بتشريع القوانين ودور آخر هو الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ، وبما إن أهم مهام السلطة التشريعية تشريع القوانين ،إذاً لابد من أن تكون على معرفة ودراية في فن الصياغة التشريعية الذي أصبح علم قائم بذاته ، ويرى الدكتور أكرم الوتري الذي قضى ردحا من الزمن يعمل مدونا قانونيا في ديوان التدوين القانوني والذي حل محله مجلس شورى الدولة الحالي احد مكونات وزارة العدل التي تعد جزء من السلطة التنفيذية، فيقول ( نستطيع تشبيه تقنين القوانين بالهندسة المعمارية والمقنن بمهندس القانون ومعماره)[1] ، وبعد هذا التاريخ تطورت الصياغة التشريعية فأصبحت علم يدرس في الجامعات ، ويرى المختصون في هذا العلم إن العملية التشريعية تبدأ بفكرة ثم يتم دراستها عبرة معرفة المشكلة التي ترمي إلى معالجتها وتحليلها وبيان أسبابها ورسم خط عام، ثم يتم جمع المعلومات ذات الصلة بها ، وينصح هؤلاء المختصون بان تدرس الحاجة العامة واليومية للمواطن لأنه محل تطبيق التشريع بعد صدوره وان يراعى جمهور الناس الذي أطلقت عليه تسمية ( الجمهور التشريعي) ، لان التشريع يهدف إلى تنظيم علاقة بين أفراد المجتمع أو بين مكونات الدولة التي يكون أفراد المجتمع النواة والمركز المستقطب لكل الأعمال ، ومراعاة المشرع ومن بعده الصائغ القانوني او المدون القانوني للجمهور التشريعي يكون باتجاهين الأول قبل إصدار التشريع من خلال إشراكه في المناقشة للمشكلة عقدة التشريع المستهدف، واعني بالمشاركة الاتصال بالجهات ذات العلاقة ، فإذا كان التشريع يتعلق بالطفولة أن تشرك الجهات الحكومية التي تعمل في هذا المجال والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني للوقوف على حجم المشكلة محل البحث والاستماع لما لديهم من حلول نابعة من عملهم الميداني، مما يغني المشروع ويحصنه من الغفلة والذهول التشريعي، والاتجاه الثاني لغة وأسلوب التشريع والجهة المستهدفة بأحكامه، لان لغة النص التشريعي الموجه إلى فئة المحامين ، القضاة والحقوقيين ممن يتعاملون مع القانون بشكل يومي تختلف عن لغة وأسلوب التشريع الذي يستهدف تنظيم علاقة تعنى بالمواطن العادي غير المختص في القانون مثل قانون مكافحة التدخين لأنه يعنى بشكل مباشر بالمواطن ويتعامل معه لحظياً ، وهذه المراعاة لابد وان يدركها المشرع او المدون القانوني من خلال مشاركة أهل الاختصاص في اللغة حتى لا يفقد النص التشريعي رصانته وأهل المعرفة في السلوك الإنساني والاجتماعي لبيان أفضل المصطلحات التي تستخدم فيه لشد الأفراد إليه بسهولة ومقبولية عالية دون التضحية بجلال القدر الذي يتمتع به التشريع ، ومن الآثار التي لمسناها في عملية تشريع القوانين في العراق بعد مرحلة عام 2003 تتراوح بين تشريع رصين عندما اشترك الجميع في صياغته وبين ضعيف يعتريه الخلل والهوان من خلال ضعف الصياغة التشريعية واضرب مثلين لذلك الأول قانون مكافحة تهريب النفط[2] ومشتقاته رقم 41 لسنة 2008 فهو مثال على حالة النكوص عن مبدأ الاقتصاد الحر الذي أشير إليه في الدستور وعلى وفق ما تقدم بيانه ، إذ تدخلت الدولة في تفاصيل من الممكن ان يكون للقطاع الخاص دور في توفير هذه الخدمة ، والقانون أعلاه تضمن خروقات أخرى تتعلق بمبادئ حقوق الإنسان التي ورد ذكرها في الدستور ، وهذا القانون يدخل ضمن مفهوم قوانين الجرائم الاقتصادية، إذ ورد في أسبابه الموجبة إن تهريب النفط يعد من الجرائم الاقتصادية ، وهذا التسبيب ينطوي على آثار خطيرة منها إن مجال الجرائم الاقتصادية يتسع فيه التفويض التشريعي ويقتصر دور المشرع على إصدار نصوص على بياض ويعهد بها إلى السلطة التنفيذية لملئها على وفق قناعتها وهذا ما ذكره الدكتور فخري عبدالرزاق الحديثي[3]، وفي هذا الباب كان لقانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته دور في منح الحكومة سلطة تقديرية تجاه أي حالة تشتهي أن توقع بها ، والمثال الثاني قانون تعويض المتضررين من جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية[4] رقم (20) لسنة 2009 الذي ورد فيه خطاء في الصياغة القانونية لنص المادة (17) التي جاء فيها الآتي (يستثنى من أحكام هذا القانون من صدرت بحقهم قرارات قضائية إلى حين ثبوت براءتهم عن جرائم الإرهاب المنصوص عليه في قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005) ونرى بان حكم المادة أعلاه اعتبر الشخص المتوفى الذي يعد ضحية عمل عسكري أو إرهابي ويظهر بعد ذلك انه إرهابي بموجب قرار قضائي فتحرم عائلته من مزايا هذا القانون، لأنه أشار في الفقرة (أولا) من المادة (2) إلى حالة الاستشهاد من جراء العمليات المشار إليها في القانون أعلاه[5]، والخطاء يكمن في استحالة إصدار قرار قضائي بحق المتوفى لان الدعوى تنقضي بحقه عملا بحكم المادة (300)[6] من قانون أصول المحاكمات الجزائية رفم (23) لسنة 1971 المعدل التي جاء فيها الآتي (تنقضي الدعوى بوفاة المتهم.....الخ) ، وهذه الأخطاء كان بالإمكان تداركها لو استمعت اللجنة المختصة بتشريعه إلى المختصين من الحقوقيين والمحامين وأهل الاختصاص ، وهو ما نسميه (الجمهور التشريعي) الذي سيوفر الغطاء التشريعي السليم لعملية التشريع ،  وبذلك بجد ان الجمهور التشريعي لاعب أساس في عملية الصياغة التشريعية ولابد من الاهتمام به وتطويره بعدة وسائل منها الإكثار من ورش العمل المشترك بين أعضاء السلطة التشريعية والمختصين في الصياغة التشريعية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني لان هذه الورش ستنمي قابلية الجمهور من خلال الإطلاع على ما يستجد في علم التشريع، وسيوفر قناعة لدى الجمهور عند تطبيق القانون، لان المواطن سيدرك إن هذا القانون صدر في ضوء حاجته التي عبر عنها من خلال الجمهور التشريعي ، وتوجد وسائل أخرى متعددة منها نشر مشاريع القوانين عبر المنتديات القانونية في شبكة الانترنيت أو الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في وصول مشاريع القوانين ومقترحاتها واستلام ملاحظات وأفكار المعنيين بالمشروع وهذه من أفضل الوسائل التي تجمع اكبر عدد من الجمهور التشريعي ، فضلا عن الوسائل الأخرى المتاحة للمشرع أو صائغ التشريع .

الفرع الثاني

تجريم النشاط الاقتصادي

تبرير للفشل أم تنظيم للعمل؟

ظهر في فقه القانون الجنائي مصطلح الجرائم الاقتصادية التي عرفها بعض شراح القانون الجنائي بأنها (كل فعل غير مشروع مضر بالاقتصاد القومي إذا نص على تجريمه في قانون العقوبات ، او في أي قانون آخر من القوانين التي تتعلق بخطط التنمية الاقتصادية الصادرة من السلطة المختصة)[7] ومن روج لهذا المفهوم فقهاء القانون في المعسكر الاشتراكي بسبب العقيدة الاشتراكية التي تدير الحياة وتنظمها ودخول الدولة في كل مفاصل الإنتاج والخدمات وسواها من ميادين الحياة العامة والخاصة أحيانا، وكان تبرير ذلك حماية المجتمع من الأفعال التي تمس حياته الاقتصادية بحكم مسؤولية الدولة عنها ، إلا إننا نجد إن الأمر اقل حدوثا في المعسكر الرأسمالي بحكم مفهوم الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والاقتصاد الحر ، إلا في حالات استثنائية تحتاج إلى تدخل الدولة، وفي الآونة الأخير اختلف أسلوب معالجة الأزمات الاقتصادية من تجريم بعض الأنشطة وفرض عقوبات عليها إلى دعم مواطن الخلل بوسائل مالية تحافظ على نسغ الحياة الاقتصادية في بعث روح المنافسة، مثلما حصل أخيرا في الأزمة المالية العالمية التي مرت بها الولايات المتحدة والدول الأوربية وبعض البلدان الأخرى فان المشرع لم يلجأ إلى أسلوب العقوبة والتجريم، إنما عمد إلى ضخ رؤوس أموال لدعم الأسواق وهذه آلية تختلف عن السابق في القرن الماضي ، الذي تميز باتساع مجال التصرفات المحظورة ، وفي العراق مثل غيره من البلدان التي لم يقف عند إستراتيجية ورؤيا واضحة في الميدان الاقتصادي ، والسياسة الاقتصادية فيه تتخبط بين هذه النظرية وتلك الرؤيا، وأفعال سلطاته كانت ردود أفعال تجاه الأزمات تتميز بالمعالجة الآنية غير المحسوبة النتائج ، وهذا ما اشره العديد من الاقتصاديين في العراق ، مثلما عكسته السياسة التشريعية التي ينتهجها البرلمان العراقي ، إذ أصدر عدد من القوانين التي تكرس لتدخل الدولة في كل تفاصيل الحياة على خلاف التوجه الدستوري في النزوع إلى الاقتصاد الحر الذي أشير إليه في نص المادة (25)[8] من دستور العراق لعام 2005 التي ألزمت الدولة على تحديث الاقتصاد بالطرق الحديثة وفي المادة (26)[9] على تشجيع الاستثمار الذي يعد روح الاقتصاد الحر، وفي قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته رقم 41 لسنة 2008 مثال على حالة النكوص عن مبدأ الاقتصاد الحر الذي أشير إليه في الدستور وعلى وفق ما تقدم بيانه ، إذ تدخلت الدولة في تفاصيل من الممكن ان يكون للقطاع الخاص دور في توفير هذه الخدمة ، والقانون أعلاه تضمن خروقات أخرى تتعلق بمبادئ حقوق الإنسان التي ورد ذكرها في الدستور ، وهذا القانون يدخل ضمن مفهوم قوانين الجرائم الاقتصادية، إذ ورد في أسبابه الموجبة إن تهريب النفط يعد من الجرائم الاقتصادية ، وهذا التسبيب ينطوي على آثار خطيرة منها إن مجال الجرائم الاقتصادية يتسع فيه التفويض التشريعي ويقتصر دور المشرع على إصدار نصوص على بياض ويعهد بها إلى السلطة التنفيذية لملئها على وفق قناعتها[10]، وفي هذا الباب كان لقانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته دور في منح الحكومة سلطة تقديرية تجاه أي حالة تشتهي أن توقع بها ، والمشرع العراقي أعطى من حيث يعلم أو لا يعلم سلاح بيد الحكومة لحماية فشلها في توفير الخدمات إلى المواطن لان من واجباتها توفير المشتقات النفطية بالكميات التي تسد الحاجة اليومية للمواطن وفي حال الوفرة تنعدم فكرة المضاربة والتهريب لان قانون العرض والطلب في السوق هو الفاعل ، مثلما وفر لها فرصة الإيقاع بالآخر لان القانون فيه مجال يتسع لكل ما يدور في الأذهان حتى مركبتك الصغيرة من الممكن أن تعتبر وسيلة تهريب والجهة التي تحدد ذلك لجنة فنية تابعة إلى السلطة التنفيذية على وفق حكم المادة (7)[11] من القانون التي منحت وزير المالية والنفط سلطة إصدار التعليمات ، وفي التطبيق اليومي في المحاكم نجد إن الأجهزة التنفيذية تضبط عشرات المركبات تحت وازع التهريب مع إن اغلبها لا يعد تهريبا لكن مشيئة التنفيذي أن تكون وسيلة تهريب ومن الأمثلة على ذلك ضبط مركبة حمل (تريلة) محملة بمادة الحنطة وإحالتها إلى المحاكم على إنها من المركبات التي تعتبر من وسائل التهريب المشتقات النفطية ، وحيث إن القانون قد غل يد القضاء في الإفراج  او إخلاء سبيل السائق أو الحائز للمركبة إلا بعد إكمال التحقيق وإحالته المحكمة الكمركية على وفق حكم الفقرة (أولا) من المادة (2) من القانون أعلاه التي جاء فيها الآتي (يحال على المحكمة الكمركية سائق المركبة أو الزورق أو ربان السفينة و مستخدموا وسائط النقل الأخرى ومن إشترك معهم في إرتكاب الجريمة ممن يتم ضبطهم بموجب أحكام هذا القانون ، ولا يطلق سراحهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة إلا بعد صدور حكم بات في الدعوى) ومهما اجتهد القضاء لحسم التحقيق فانه لا ينتهي إلا بمدد ليست بالقصيرة تجاه حرية المواطن وفي ذلك مخالفة دستورية لان المتهم برئ حتى تثبت إدانته على وفق حكم الفقرة (خامسا) من المادة (19) من الدستور[12] وانه يبقى كأي مواطن اعتيادي ولا يجوز حبسه أو توقيفه إلا بمقتضى القانون أو بأمر قضائي فان القانون أعلاه تعدى على هذا الحق بان منح السلطة التنفيذية سلطة الضبط دون قرار قضائي على وفق حكم الفقرة ( رابعا ) من المادة (5) من القانون التي جاء فيها الآتي (تتولى الأجهزة الأمنية المختصة والهيئة العامة للكمارك مهمة ضبط النفط ومشتقاته المعد للتهريب من قبل المتهمين وحجز المركبة أو أية واسطة نقل مستخدمة ، وتحويل المجرمين إلى المحكمة الخاصة لإتخاذ الإجراءات القانونية اللاحقة بشأنهم) وبما إننا وضعنا هذا القانون مثلا للقوانين التي تجرم النشاط الاقتصادي لا بأس من ذكر الأخطاء التي وردت فيه ، إذ ذكر كلمة مجرم على المتهم بالقضية علما إن المتهم برئ حتى تثبت إدانته على وفق ما ذكر آنفا وتوصيفه بالمجرم قبل ثبوت التهمة يعد خرق لحقه في السمعة وعدم مراعاة لحقوقه الإنسانية الأخرى ، كما وجدت عبارة (المحكمة الخاصة) في القانون وعلى وفق حكم الفقرة (رابعا) من المادة (5) من القانون وحيث إن الدستور منع تشكيل المحاكم الخاصة على وفق حكم المادة (95) من الدستور[13]، لذلك فان الصياغة للقانون لم تكن موفقة إذ بإمكان المشرع أن يسميها بالمحكمة المختصة، ومن خلال ما تقدم نجد إن المشرع عند تشريعه للنص القانوني لم يتلمس المبادئ الدستورية تجاه الفكر الاقتصادي الذي يختطه للبلد فضلا عن القصور في المعرفة الصياغية في فن وعلم الصياغة التشريعية ، واني إذ أرى بان القانون كان تبريرا لفشل في توفير الخدمة للمواطن ونقل العبء على عاتقه ووضعه موضع الاتهام ولم يكن تنظيم لعمل الحكومة تجاه توفير الخدمة، لان فعل التهريب لا يحدث في داخل حدود الدولة الواحدة وإنما يكون بين دولة وأخرى إذ لا يمكن تصور تهريب منتج أو سلعة من بغداد إلى بابل لأنهم في إقليم الدولة الواحدة والموطنين فيها من مواطني البلد الواحد، وتعرف جريمة التهريب في فقه القانون الجنائي بانها نقل البضائع والاشخاص بين الدول دون موافقة السلطات فيها وتعرف ايضا بانها ادخال واخراج السلع والبضائع عبر الحدود بطريقة غير شرعية وعدم دفع الضريبة الجمركية ومخالفة النظم المعمول بها  وفي قانون الكمارك العراقي رقم 23 لسنة 1984 المعدل حدد الخط الكمركي الذي يعد الفيصل في تحديد فعل التهريب وعلى وفق حكم الفقرة (الحادية عشر) من المادة (1) من القانون أعلاه[14] والتي جعلت خط الحدود السياسية للجمهورية العراقية مع البلدان المجاورة هو الخط الكمركي ، وبذلك فان أي انتقال للبضاعة داخل الخط الكمركي لا يعد جريمة تهريب كما عرفته بعض الاتفاقيات الدولية ومنها بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، المكمِّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الصادر سنة 2000 الذي عرف تهريب المهاجرين بأنه ( تدبير الدخول غير المشروع لشخص ما إلى دولة طرف ليس ذلك الشخص من رعاياها أو من المقيمين الدائمين فيها، وذلك من أجل الحصول، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى) ويشير إلى الانتقال بين الدول ، لكن المشرع العراقي ما زال وريث العقلية الشمولية التي كانت سائدة في العراق في مرحلة ما قبل عام 2003 ولا يقبل ان يضع نفسه في نطاق التقصير وإنما يلقي بأعبائه على المواطن، وبعد ذلك أرى أن يلتفت المشرع العراقي إلى هذا القانون لتعديله بما ينسجم والتوجه الدستوري وحقوق الإنسان والصياغة القانونية الصحيحة للحفاظ على الحقوق وصيانتها .

الفرع الثالث

التفسير القضائي للنصوص القانونية

في هذا الفرع نماذج لإحكام قضائية تبين اثر الصياغة التشريعية عند إصدار الأحكام ويؤدي عدم الوضوح في مفردات النص القانوني إلى صدور اجتهاد قضائي متباين ومتعدد ويخلق مراكز قانونية مختلفة تخالف مبدأ المساواة بين الأفراد وسأذكر ثلاث نماذج الأول في حق ميراث المرأة في قانون الاحوال الشخصية والثاني في بيان مفهوم القضاء الولائي وتعلقه بالنشاط الاقتصادي والثالث في الجانب الجزائي وآلية مكافحة الفساد وعلى وفق الآتي :

أولا: نص المادتين (89 و 90) من قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل

المادة 89 (الوارثون بالقرابة وكيفية توريثهم : 1 - الابوان والاولاد وان نزلوا للذكر مثل حظ الأنثيين 2 - الجد والجدات والاخوة والاخوات وأولاد الاخوة والاخوات 3 - الاعمام والعمات والاخوال والخالات وذوي الأرحام 4 – تعتبر الاخت الشقيقة بحكم الاخ الشقيق في الحجب.)

المادة 90 (مع مراعاة ما تقدم يجري توزيع الاستحقاق والانصبة على الوارثين بالقرابة وفق الاحكام الشرعية التي كانت مرعية قبل تشريع قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 كما تتبع فيما بقي من أحكام المواريث)

أن نص المادة (89) كان يدل على إن الوارثون من الأقارب إذا كانوا في مرتبة واحدة فإنهم يرثون المتوفى على أساس التزاحم بينهم فيحجب الأقرب الأبعد

 

نص قرار الحكم القضائي المتعلق بتقسير النص اعلاه

 تشكلت محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب بتاريخ 6/9/2009 برئاسة القاضي السيد سالم روضان الموسوي المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي :

المدعيـــــــــة/ س .م . ع

المدعى عليهم/ 1- ر .ع . م 2- خ .خ . م  3- م . ع . م    إضافة للتركة

 القرار

لدعوى المدعية وللمرافعة الحضورية بحق المدعى عليهم الأول والثاني والغيابية العلنية بحق المدعى عليه الثالث، حيث ادعت بان هذه المحكمة كانت قد أصدرت القسام الشرعي العدد 439 في20 /4/ 2009 للمتوفاة (أ.ع.م.ع.) بناء على طلب المدعى عليه الأول ولم يدرج اسم المدعية ضمن الورثة وهي عمة المتوفاة لأبيها، ولا يوجد للمتوفاة فرع وارث وهي على المذهب الحنفي، وتطلب الحكم بتصحيح القسام الشرعي وإدخالها بين الورثة، اطلعت المحكمة على صورة القسام الشرعي وأوليات إصداره ، كما اطلعت على صورة قيد الأحوال المدنية للمتوفاة (ا، ف ، م)  وصورة قيد الأحوال المدنية لوالد المتوفاة (ف ، م ، ع)، ثم استمعت إلى الطرفين وبين وكيل المدعية إن سبب إقامة دعوى موكلته يتمثل في كونها ترث من ابنة أخيها وفق الأحكام القانونية والشرعية، ثم دفعت وكيلة المدعى عليهم برد الدعوى، لأن القسام الشرعي صحيح وموافق للأحكام الشرعية والقانونية، ومن خلال التحقيقات التي أجرتها المحكمة وجدت إن المدعى عليه الأول كان قد طلب إصدار قسام شرعي للمتوفاة (ا، ف ، م)  المتوفاة بتاريخ 15/5/2006 ، وبناء على طلبه صدر القسام الشرعي العدد 439 في 20/4/2009 وحصر ارث المتوفاة (أ.ف.م.) بأولاد عمها المدعى عليهم الذكور البالغين (ر .ع . م) و(خ, م أولاد خ، م) ولا وارث سواهم .ووجدت المحكمة إن المدعية هي العمة لأب المتوفاة (أ.ف.م.)، والمدعى عليهم أبناء عم المتوفاة وان آبائهم أخوة أشقاء لوالد المتوفاة. ثم أحيلت الدعوى إلى الخبير القضائي الذي قدم تقريره وبين فيه إن المدعية لا ترث من ابنة أخيها معللا ذلك بما جاء بأحد القرارات التمييزية، وتجد المحكمة إن تقرير الخبير أصبح واجب الهدر والإهمال لأنه تعدى حدود الخبرة الفنية في الاحتساب إلى الدخول بالمسائل القانونية، حيث أن حالة الحجب من عدمه مسألة قانونية تتعلق بالمحكمة .ومن خلال الرجوع إلى أحكام القانون النافذ تجد المحكمة إن المادة (89) من قانون الأحوال الشخصية النافذ ، جاء في صدرها ما يلي (الوارثون بالقرابة وكيفية توريثهم ) ومن ثم حددت هؤلاء الوارثون وجاء في البند (3) من تلك المادة (الأعمام والعمات والأخوال  والخالات وذوي الأرحام ) وهؤلاء من المرتبة الثالثة في تسلسل المادة (89) وهم الذين ينتمون إلى جد المتوفاة وهم الأعمام والعمات والخالات على الإطلاق، ويستدل من هذا القول إن المشرع العراقي كان يقصد وضع النص بصيغته الحالية وانه قد اختار الكلمات بعناية مقصودة وليست عارضة، حيث أشار إلى ترتيب الأقارب بمراتب وكل مرتبة حدد فيها مجموعة منهم ، وجعل المذكورين في المرتبة الأولى هم الأقوى من المرتبة الأخرى وهكذا وجعل كل من ذكر في المرتبة وارث مع الأخر وعلى وفق الأقوى والأقرب هو الذي يرث المتوفى ومن ملاحظة المواد القانونية التي تنظم المواريث في الباب التاسع المواد (86-91) كان المشرع واضح القصد في وضعه لمفردة القرابة وليس العصبات، ويرى المختصون في تفسير النصوص بان صيغة النص يقصد بها التعبير بالألفاظ عن الصور الذهنية وهي المعاني، فاللفظ هو القالب الذي يتجسد فيه المعنى المراد إيصاله .وحيث إن القاعدة القانونية من صفاتها العموم فان اللفظ في النصوص القانونية تكون عامة لجميع الأفراد . كما يرى بعض الفقهاء (ما من عام إلا وقد خص) والمراد بذلك قصر العام على بعض ما تناوله اللفظ المعبر عن إرادة المشرع ، وذلك على وفق ما ذكره الدكتور محمد شريف احمد في كتابه الموسوم (نظرية تفسير النصوص المدنية ) مطبعة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ـ طبعة عام 1979 ـ ص 56. وهذا يدل بوضوح على إن المشرع العراقي أراد في نص المادة (89) أحوال شخصية هو تعدد المراتب في الأثر ، بحيث تكون المرتبة الأولى الأقوى وتليها الأخرى وهكذا ، أما القول بخلاف ذلك فانه يتقاطع مع حكمة النص ومنطوقه، إذ يرى بعض شراح قانون الأحوال الشخصية ومنهم الدكتور احمد الكبيسي في كتابه الموسوم الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ـ الجزء الثاني ـ مطبعة الرشاد ص149 ، حيث ذكر ما يلي ((تكلم قانون الأحوال الشخصية العراقي عن الوارثين بالقرابة وكيفية توريثهم في المواد (89, 90, 91) وبمجموع هذه المواد نستدل على إن المشرع العراقي قد أبقى على الإرث بالتعصيب على ما كان عليه قبل التشريع )) ولم يبين الدكتور الكبيسي ، ما هي مؤشرات الاستدلال على هذا الرأي وإنما أطلقه على وجه العموم والإجمال، وهو ما لا ترى المحكمة فيه صواب التحليل وحسن الاستقراء ، لان النص واضح ولم يشير إلى مفردة التعصيب مطلقا . كما ذكر في موضع آخر من ذات المصدر أعلاه في الصفحة 150 ما يلي (( لقد التبس الأمر على البعض حتى توهم بان المشرع العراقي قد اخذ بنظام التوريث بالقرابة المعمول به عند الجعفرية وسبب هذا التوهم هو ورود كلمة القرابة بدل العصبة في نص المادة (89) ولان هذه المادة عددت الوارثين بالقرابة بفقراتها الثلاث ، فظن بعض القضاة إنها تعني تصنيفهم إلى المراتب المعروفة عند الجعفرية ,ولأنها أدرجت الأخوال والخالات مع الأعمام والعمات في فقرة واحدة . كل هذه الظواهر قد أوقعت بعض الشراح في خطأ ظاهر)) والملاحظ من القول المذكور انه لم يبين ماهية الخطأ الذي وقع فيه الشراح وهو يشير إلى علاء الدين خروفه عندما ذكر في كتابه الموسوم شرح قانون الأحوال الشخصية ـ الجز الثاني ـ مطبعة المعارف ـ بغداد 1963 ص 383   عندما قال (إن المشرع العراقي قد اخذ بنظام التوريث بالطبقات)، كما وجدت المحكمة عدة قرارات تمييزيه بهذا الاتجاه ومنها قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز العدد 11/شخصية /1964 في 28/3/11962 الذي أشار إلى عدم الأخذ بنظام المراتب لان الحجب يحتاج إلى نص صريح  ، وترى المحكمة إن هذا التوجه غير منسجم مع النص النافذ لان بعض الأقارب في نص المادة (89) يحجب بعضهم البعض سواء كان حجب حرمان أو حجب نقصان ، ولم تشير نصوص القانون إلى ذلك الحجب بشكل صريح ومع ذلك يحجبون ومثال ذلك فيما يتعلق بنص الفقرة (1) من المادة (89) عندما حددت ذوي المرتبة الأولى وهم (الأبوان والأولاد وأولاد الأولاد وان نزلوا) وهؤلاء يحجب بعضهم بعض فالأولاد يحجبون أولاد الأولاد إذا اجتمعوا معهم، ومع ذلك لم ينص عليه في القانون بشكل صريح .وهذا أساس مخالفة  توجه محكمة التمييز لنص المادة (89) من قانون الأحوال الشخصية النافذ، في تأسيسها لعقيدتها في نقض قرار محكمة الموضوع المشار إليها أعلاه عندما أخذت بنظام المراتب ، كما وجدت المحكمة إن بعض الآراء تشير إلى إن غاية المشرع وقصده من وضع النص المذكور وهو التعداد فقط وليس الترتيب ، وعلى وفق ما أشار إليه الدكتور احمد الكبيسي في الصفحة 151 من ذات المصدر المشار إليه  أعلاه ، وهذا أيضا يخالف قواعد التفسير الصحيح لان النص القانوني يرتب حكم ملزم ولا يوجد نص قانوني يوضع عبثا ، وإنما له حكمه يقصدها فالمشرع بذكره لمفردة القرابة بدلا من العصبة ، وجعله على شكل مراتب مشابه للطبقات كان قاصدا لها وواعيا لمعناها وأثارها القانونية، لان من أهم الوسائل الرئيسية المباشرة لاستخراج الحكم من النص هو الاستعانة بمنطوق النص وهيئته التركيبية ، وهو ما يسمى بدلالة المنطوق، كذلك الاستعانة بمفهوم النص سلبا وإيجابا .أي بمعنى المفهوم الموافق والمفهوم المخالف، ولم نجد في مفهوم المخالفة للنص ما يشير إلى خلاف ما قصده المشرع بوصفه لمفردة القرابة وترتيبها على مراتب عدة ، وهذا العرض يقود المحكمة إلى أن نص المادة (89) كان يدل على إن الوارثون من الأقارب إذا كانوا في مرتبة واحدة فإنهم يرثون المتوفى على أساس التزاحم بينهم فيحجب الأقرب الأبعد، وهو ما عملت به بعض المذاهب الإسلامية ومنهم الأمامية ، ولا يعفي ما أشارت إليه المادة (90) من الأخذ بهذا الرأي لان نص تلك المادة يلزم مراعاة أحكام المادة (89) عند تطبيق نص المادة (90) ، وعند التوقف عند الجملة التي وردت في صدر المادة (90) التي تنص على ( مع مراعاة ما تقدم يجري توزيع 0000) فان كلمة مراعاة في اللغة تدل على (المحافظة والإبقاء على الشيء . والإرعاء هو  الإبقاء ) وعلى وفق ما ورد في كتاب -  لسان العرب - ابن منظور ج 14   ص 329  ، كذلك فان المعنى لوجود هذه الجملة يدل على إن المشرع قصد الإبقاء على نص المادة (89) وان التوزيع يكون بموجب الأحكام الشرعية النافذة على وفق الترتيب الذي ذكرته تلك المادة ، ووجهة النظر هذه عززها قرار الهيئة العامة في محكمة التمييز العدد 113/هيئة عامه/ 85/ 86 في 15/1/86 ، الذي أشار إلى ( إن مشاركة بنت الأخ أخاها الشقيق ميراث عمها لأنهم بدرجة واحدة في مراتب الإرث .استنادا لأحكام المادة (89) أحوال شخصية) منشور في كتاب المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز ـ قسم الأحوال الشخصية ـ للقاضي إبراهيم المشاهدي طبعة عام 1989 ص 10 ،  وهذا القرار الأحدث من الهيئة العامة يشير إلى إن المشرع العراقي كان يقصد العمل بنظام المراتب في التوريث وليس نظام العصبات ، ومن كانوا في مرتبة واحدة، فإنهم يرثون مع الآخرين، ومما أثار الإشكال لدى بعض ممن يعترضون على إن المشرع العراقي قد اخذ بنظام الطبقات في نص المادة (89)  هو ما تشير إليه المادة (90) من قانون الأحوال الشخصية ، حول مراعاة ما تقدم في توزيع الأنصبة على الوارثين بالقرابة وفق الأحكام الشرعية التي كانت مرعية قبل تشريع القانون، على اعتبار إن الفقه الحنفي كان هو السائد قبل صدور القانون، ولا بد أن تراعى أحكامه في مثل الحالة محل نظر هذه الدعوى ولا يقبلون بفرضية اخذ المشرع العراقي لنظام الطبقات في الحالات التي أشار إليها في النص، علما إن المشرع العراقي عند إصداره لقانون الأحوال الشخصية النافذ قد ضمن مواده بأحكام من مذاهب متعددة والزم بها المحاكم في تطبيقها على الجميع، حتى وان كانت مذاهبهم لا تعمل بها، ومنها ما يتعلق بالوصية الواجبة فان المذاهب الإسلامية لا تأخذ بها إلا المذهب الظاهري ، ومع ذلك قد اخذ به المشرع العراقي لكونه يلتمس المصلحة العامة وكذلك في حال ميراث البنت الواحد والأخت الشقيقة وعدد مرات الطلاق وغيرها مما جاء في نص القانون المذكور ، وهذا المسعى لا يعد مخالفة للأحكام الشرعية على وفق ما يرى البعض لان هذه الأحكام من المسكوت عنها في القران والسنة، واختلف فيها فقهاء المسلمين مما يتيح لولي الأمر المتمثل بالمشرع الذي يصدر القوانين المنظمة للحياة العامة في البلاد أن يختار ما يراه مناسب لمتطلبات الحياة وظروف تطورها، وفي رأي للمحكمة الدستورية العليا في مصر بقرارها المرقم 201 لسنة 2002 عند تصديها للطعن بعدم دستورية قانون الخلع المصري رقم 1 لسنة 2000 وكان الطاعن يرى انه يخالف الأحكام الشرعية، ورد الطعن وكان من بين هذه الحيثيات التي بررت بها دستوريته هو سلطة ولي الأمر في أن يختار ما يراه مناسب من الأحكام الفقهية وعلى وفق ما يلي ( لا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها فهذه الأحكام وحدها هي التي لا يجوز الاجتهاد فيها إذ تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان. وعلى خلاف هذا، تأتى الأحكام الظنية سواء في ثبوتها أم دلالتها أم فيهما معاً. فهذه الأحكام هي التي تنحصر فيها دائرة الاجتهاد، ولا تمتد إلى سواها، حيث تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها، وعلى أن يكون هذا الاجتهاد واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة الإسلامية بما لا يجاوزها، متوخياً تحقيق المقاصد العامة للشريعة بما يقوم عليه من صون الدين والنفس والعقل والعرض والمال. ولئن جاز القول بأن الاجتهاد في الأحكام الظنية حق لأهل الاجتهاد فأولى أن يكون هذا الحق ثابتاً لولى الأمر يستعين عليه في كل مسألة بخصوصها، وبما يناسبها بأهل النظر في الشؤون العامة. وأية قاعدة قانونية تصدر في هذا الإطار لا تحمل في ذاتها ما يعصمها من العدول عنها وإبدالها بقاعدة جديدة لا تصادم حكماً شرعياً قطعياً، وتكون في مضمونها أرفق بالعباد، وأحفل بشئونهم، وأكفل لمصالحهم) ، كذلك وجدت المحكمة إن تصديها لتفسير نص المادة (89) من قانون الأحوال الشخصية النافذ كانت قد راعت أصول تفسير النصوص ومن بينها اللجوء إلى الأعمال التحضيرية لإصدار القانون والأسباب الموجبة تعد جز من هذه الأعمال التحضيرية التي يستدل بها على نية وقصد المشرع عند وضعه للنصوص ففي الأسباب الموجبة للقانون المذكور ذكر (إن ثورة 14 تموز جعلت من أهدافها الأولى وضع قانون موحد يكون أساس لإقامة بناء العائلة العراقية في عهدها الجديد ويكفل استقرار الأوضاع فيها ويضمن للمرأة حقوقها الشرعية واستقلالها ) ومن معرفة المناخ السياسي والاجتماعي السائد وقت صدور القانون وسيادة الأفكار التحررية والتقدمية يستدل على إن المشرع قد سعى للأخذ بالأحكام التي تساعد المرأة على الحصول على حقوقها وتقليل حالات الحرمان من أي حق، ووجد في نص المادة (89) من القانون ما ينسجم وهذا التوجه المشار إليه في الأسباب الموجبة لإصداره ، بالإضافة إلى أن القاضي علاء الدين خروفة عندما تصدى لشرح هذه المادة في كتابه الموسوم شرح قانون الأحوال الشخصية ـ الجز الثاني ـ مطبعة المعارف ـ بغداد 1963 ص 383   ذكر ما يلي ( نصت هذه المادة على طريقة توريث القرابة وهذه الطريقة مأخوذة من مذهب الأمامية ، وكانت مدونة في مشروع قانون المواريث المصري) وهو الأقرب إلى المناخ السائد في حينه وقراءته لأحكام القانون كانت مستمده من خلال ما كان شائع في حينه وهو القاضي الأزهري لأنه خريج جامعة الأزهر ولا طعن في خلفيته الدينية بمعنى انه كان يدرك ما يكتب في ما يتعلق بالأحكام الشرعية التي شرحها وعرج عليها في كتابه أعلاه ، كما إن المحكمة اطلعت على دفع البعض بالحديث النبوي الشريف الذي ينص على (العمات يورثن ولا يرثن) وهذا الموضوع رد عليه السرخسي وفنده وبين فحواه في كتابه المبسوط ج 30  ص 3 عندما أشار إلى (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ميراث العمة والخالة قال نزل جبريل عليه السلام وأخبرني أن لا ميراث للعمة والخالة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يستخير الله تعالى في ميراث العمة والخالة فنزل عليه والوحي أن لا ميراث لهما ومن قال بتوريثهم استدل بقوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله معناه بعضهم أولى من بعض وقد بينا إن هذا إثبات الاستحقاق بالوصف العام وانه لا منافات بين الاستحقاق بالوصف العام والاستحقاق بالوصف الخاص ففي حق من ينعدم فيه الوصف الخاص يثبت الاستحقاق بالوصف العام فلا يكون ذلك زيادة على كتاب الله) بمعنى إمكانية التوريث ولا يعد ذلك مخالفة لنص الحديث الشريف ، كما ذكر السرخسي أيضا في ذات الصفحة من المصدر المشار إليه أعلاه إلى حديث نبوي شريف يؤكد على توريث الخالات والعمات وكما يلي ( قال النبي (ص)  الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له وفى حديث آخر قال عليه السلام الخال وارث من لا وارث له يرثه ويعقل عنه ولما مات ثابت الدحداح رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيس بن عاصم المنقري هل تعرفون له فيكم شيئا فقال انه كان فينا ميتا فلا نعرف له فينا إلا ابن أخت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه لابن أخته أي لخاله بن عبد الله المنذر) وهذا ما يؤكد إن ما اخذ به المشرع العراقي كان مستمدا من الأحكام الشرعية وله وجود في فقه المذاهب الإسلامية ، لذلك ومما تقدم وحيث إن المحكمة قد تلمست القواعد الصحيحة في تفسير النص القانوني للمادة (89) أحوال شخصية وما عززته بآراء للفقهاء والشراح وقرار الهيئة العامة في محكمة التمييز العدد 113/هيئة عامة /85/86 في 15/1/86 فإنها ترى إن ذكر العمة للمتوفاة مع أبناء العم في مرتبة واحدة يتيح لها أن تكون من بين الورثة وتتزاحم معهم في الاستحقاق والحجب والأنصبة، وحيث إنها الأقرب إلى المتوفاة كونها تدلي إليها بواسطة جدها لأبيها وأبناء العم يدلون إلى المتوفاة بعمها والذي يدلي إليها عن طريق جدها لأبيها فتكون العمة هي الأقرب وتحجب أبناء العم وبذلك تكون هي الوريثة الوحيدة للمتوفاة لعدم وجود احد من أصحاب الفروض الذين يحجبون الأقرباء من العمات أو الأعمام أو أولادهم .وحيث إن تقرير الخبير القضائي هو وسيلة لمساعدة المحكمة في تقدير الأمور الفنية والحسابية وليس الأمور القانونية فان المحكمة أهدرته ولم تجد فيه ما يصح أن يكون سبباً للحكم وحيث إن القاضي هو خبير الخبراء ومما تقدم وبالطلب قرر الحكم بتصحيح القسام الشرعي الصادر من هذه المحكمة العدد 439 في 20/4/2009 وجعل انحصار ارث المتوفاة أكمام فتح الله محمود بورثتها عمتها لأبيها (س. م .ع) وأبناء عمومتها الذكور البالغين (خ . خ . م ) و (ر. م  أولاد ع . م ) ووالديها متوفون قبلها ولا وارث سواهم وهم على المذهب الحنفي ، وتصح المسالة الآرثية من سهم واحد للعمة لأب (س. م .ع)ولا شيء لأولاد العم كونهم محجوبون بالعمة لأب و تأشير ذلك في سجل القسامات بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية وتحميلهم الرسوم والمصاريف وأتعاب محاماة لوكيل المدعية المحامي طه ياسين مبلغ مقداره خمسة آلاف دينار استنادا لأحكام المواد 89, 90 أحوال شخصية 21, 25, 59, 140 إثبات 161,163 ,166, 300 مرافعات 63 محاماة حكما حضوريا بحق المدعى عليهم الأول والثاني وغيابيا بحق المدعى عليه الثالث قابلا للاعتراض والتمييز وافهم علنا في 6/9/2009 الموافق 15/رمضان/ 1430 هـ

ثانيا: نص المادة (151) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل

(لمن له حق في الاستحصال على امر من المحكمة للقيام بتصرف معين بموجب القانون ان يطلب من المحكمة المختصة اصدار هذا الامر في حالة الاستعجال بعريضة يقدمها الى الحاكم المختص وتقدم هذه العريضة من نسختين مشتملة على وقائع الطلب واسانيده ويرفق بها ما يعززها من المستندات)

الأمر الولائي لا يعطل سحب خطاب الضمان

نص قرار الحكم القضائي المتعلق بتفسير الأمر الولائي

تشكلت محكمة البداءة في الكرادة بتاريخ 25/12/2011 برئاسة القاضي السيد سالم روضان الموسوي المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي:

المدعي/ الأمين العام لمجلس الوزراء ـ إضافة لوظيفته ـ وكلائه الموظفون الحقوقيون خلدون حيدر     

                                                            و زيد واثق الدركزلي و شيماء  كريم عيدان

المدعى عليه / المدير المفوض للمصرف المتحد للاستثمار ـ إضافة لوظيفته ـ وكلائه المحامون

                                    خليل عبد صالح ، سيف جواد الحلفي  وقحطان داود سلمان

القرار

لدعوى  المدعي وللمرافعة الحضورية العلنية حيث ادعى بأن المدعى عليه إضافة لوظيفته قد أصدر ثلاث خطابات ضمان لمصلحته والساحب والآمر بإصدارها شركة طلعت حسام الدين يونس للمقاولات العامة المحدودة بموجب العقد المرقم (1) في 24/3/2009 وملحقه المؤرخ في 24/5/2010 والمتضمن إنشاء (5000) خمسة آلاف وحدة  سكنية في مناطق الاهوار وعدد هذه الخطابات ثلاث كالأتي الأول المرقم 951/9770 في17/6/2010 بقيمة (9.617.000.000) تسعة مليارات وستمائة وسبعة عشر مليون دينار والثاني المرقم 951/9768 في 17/6/2010 بقيمة (30،000،000،000) ثلاثون مليار دينار عراقي والثالث المرقم 951/9769 في 17/6ـ 2010 بقيمة  (617.304.565) ستمائة وسبعة عشر مليون وثلاثمائة وأربعة آلاف وخمسمائة وخمسة وستون دينار . وحيث إن المدعى عليه ملزم بتسديد قيمة تلك الخطابات البالغة (40.234.304.565) أربعون مليار ومائتان وأربعة وثلاثون مليون وثلاثمائة وأربعة آلاف وخمسمائة وخمسة وستون دينار على وفق أحكام المواد (287 ـ 293) من قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 المعدل وان المدعي قد طلب سحب مبالغ الخطابات ضمن المدة القانونية إلا أن المدعى عليه يمتنع عن التسديد، لذلك يطلب الحكم بإلزامه بالمبلغ أعلاه مع احتساب الفائدة القانونية من تاريخ المطالبة القضائية ولحين التأدية، وبعد المرافعة اطلعت المحكمة على صورة طبق الأصل من خطاب الضمان العدد 951/9768 في17/6/2010 الصادر من مصرف المدعى عليه إلى المدعي بناء على طلب شركة طلعت حسام الدين يونس للمقاولات العامة بمبلغ مقداره (30.000.000.000) ثلاثون مليار دينار عراقي نافذ لغاية 16/1/2011 واطلعت على كتاب تمديده لغاية 30/6/2011 بموجب كتاب المدعى عليه المعنون إلى المدعي بتاريخ 3/1/2011 واطلعت على خطاب الضمان العدد (951/ 9769) في 17/6/2010 بمبلغ مقداره (4،660،000،000) أربعة مليارات وستمائة وستون مليون دينار عراقي واطلعت على كتاب تمديده وبمبلغ مقداره (617.304.565) ستمائة وسبعة عشر مليون وثلاثة مائة وأربعة ألف وخمسمائة وخمسة وستون دينار لغاية 30/6/2011 واطلعت على خطاب الضمان المرقم 951/9770 في 17/6/2010 بقيمة (9.617.000.000) تسعة مليارات وستمائة وسبعة عشر مليون دينار كما اطلعت المحكمة على كتاب دائرة المدعي العدد11/008210 في 10/3/2011 المعنون إلى مصرف المدعى عليه ويطلب فيه تنفيذ خطابات الضمان أعلاه  وسحب مبالغها، ثم استمعت المحكمة إلى وكلاء الطرفين ودفع  وكلاء المدعى عليه إن محكمة بداءة الرصافة كانت قد أصدرت أمراً ولائياً بوقف صرف مبالغ  خطابات الضمان أعلاه بموجب الدعوى البدائية المنظورة منها بالعدد 932/ب/2011 مما تعذر على موكلهم صرف المبالغ وان الدعوى مازلت قيد المرافعة وعلى وفق ما مسطر ضبطا في محضر جلسة يوم 29/8/2011 وبعد جلب اضبارة الدعوى أعلاه لوحظ إنها مقامة من شركة طلعت حسام الدين ضد المدعي في هذه الدعوى ويطلب فيها إحالة النزاع حول تنفيذ عقد المقاولة المبرم بينهم إلى التحكيم، كما اطلعت المحكمة على الأمر الولائي الذي قرره قاضي بداءة الرصافة على اصل طلب المدعى شركة طلعت حسام الدين يونس للمقاولات العامة المؤرخ في 18/8/2011 والذي أمر المدعى عليه في هذه الدعوى بوقف صرف خطاب الضمان محل نظر هذه الدعوى، كما طلب وكلاء المدعى عليهم توحيد هذه الدعوى مع الدعوى البدائية العدد 932/ب/2011 المنظورة من قبل محكمة بداءة الرصافة وقررت هذه المحكمة رفض طلبات الاستئخار والتوحيد على وفق الأسباب الواردة في قرارها المسطر ضبطا في محضر جلسة يوم 29/8/2011 ومن خلال التحقيقات التي أجرتها المحكمة تجد بان دعوى المدعي هي طلب سحب مبالغ خطابات الضمان أعلاه وان المدعى عليه ملزم بالتسديد على وفق أحكام المادة (287) تجارة وان ما دفع به وكلاء المدعى عليه بان موكلهم ملزم بالامتناع عن التسديد لوجود الأمر الولائي المشار إليه أعلاه . وتجد المحكمة إن ذلك الأمر الولائي لا يقيد هذه المحكمة عند النظر في الدعوى ولا يعطل التزام المدعى عليه تجاه المدعي لعدة أسباب وعلى وفق الآتي :ـ

1.    إن الأمر الولائي أعلاه لا يشكل حجة تجاه هذه الدعوى يقيد المحكمة أو يعطل صلاحيتها في نظر الدعوى لان ذلك الأمر لا يرقى إلى مستوى الحكم القضائي الذي يكون حجة بما فصل فيه حيث إن حكم المادة (105) إثبات جاء حصرا في منح الحجية للأحكام ولم يرد فيه ما يشير إلى شمول الأمر الولائي بهذه الحجية لأنه ليس بحكم قضائي.

2.    إن فقه قانون المرافعات أشار إلى أن الأمر الولائي ليس بحكم قضائي فاصل في الدعوى وإنما هو من الأعمال القضائية التي تباشرها المحكمة عرضا عند النظر في اصل الدعوى من جهة الموضوع وتكون هذه الأوامر القضائية اقرب إلى أعمال الإدارة القضائية للدعوى و أطلق عليها اسم الأعمال الولائية وهذه ما أشار إليه المرحوم عبدالرحمن علام في كتابه الموسوم (شرح قانون المرافعات رقم 83 لسنة 1969 – ج3 ـ ط2 ـ ص124) ويكون الأمر الولائي بذلك غير ذي حجة تجاه طلب المدعي فضلا عن الحكم يكون فاصل في الدعوى من جهة الموضوع ويصدر بناء على طلب وخصومة متحققة ومرافعة تجري بين الأطراف على وفق تشكيل صحيح من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا وهذا ما أشار إليه الدكتور محمد سعيد عبد الرحمن في كتابه الموسوم (الحكم القضائي أركانه وقواعد إصداره ـ منشورات مكتبة الحلبي الحقوقية – الطبعة الأولى بيروت عام 2011 ـ ص127) بينما الأمر الولائي لا يكون بمواجهة الخصوم ويكون اقل حجية حتى من القضاء المستعجل الذي لا يصدر إلا بمواجهة الخصوم وبذلك فان الأمر الولائي حجيته مؤقتة قابلة للنقض على خلاف الحكم القضائي او قرار القضاء المستعجل حيث أتاح القانون للقاضي أن يرجع عن الأمر الولائي الذي أصدره بعد التظلم منه على وفق حكم المادة (153) مرافعات بينما في الحكم او في قرار القضاء المستعجل فان يد المحكمة ترفع ولا يجوز الرجوع عن القرار وإنما يتم الطعن فيه أمام محكمة ذات درجة أعلى وهذا يؤشر أن الأمر الولائي حجته مؤقتة في حدود الدعوى التي صدر بموجبها ذلك القرار وصفة الوقتية التي يتصف بها الأمر القضائي تنتهي حين التعرض لأصل الحق من محكمة الموضوع وعلى وفق ما ذكره فقهاء قانون المرافعات ومنهم القاضي هادي عزيز علي في كتابه الموسوم (القضاء المستعجل ـ الطبعة الأولى ـ بغداد عام 2008 ـ ص42 ) ويعدها البعض الآخر من شراح قانون المرافعات بأنها إجراءات تحفظية يزول أثرها بقرار من ذات القاضي الذي أصدرها وعلى وفق ما ورد في كتاب (قضاء الأمور المستعجلة ـ ج1 ـ الطبعة السابعة ـ بيروت ـ ص159 ) تأليف محمد على راتب والمستشار محمد نصر الدين و والمستشار محمد فاروق راتب . وبذلك فان الأمر الولائي لا يتمتع بالحجية المشار إليها في حكم المادتين (105 ـ 106) إثبات ولا يعد معطلا لسلطة هذه المحكمة في النظر بأصل الحق.

3.    إن القرار الولائي لابد أن يصدر لمن له الحق في طلبه وبمقتضى القانون، بمعنى أن يكون هناك نص في القانون يعالج موضوع طلب الاستعجال أو إصدار الأمر الولائي تستند إليه المحكمة عند إصدار ذلك الأمر الولائي ، وطلب وقف صرف خطاب الضمان لابد من وجود نص يسمح لطالبه أن يستعين به عند تقديم الطلب على وفق الإجراءات في قانون المرافعات وان موضوع خطاب الضمان قد نظمت أحكامه المواد (287 ـ 290) من قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 المعدل لم تجد فيها ما يشير إلى منح أي طرف من أطرافه حق طلب وقفه مما يعدم وجود النص القانوني الذي يسعف طلب المدعي، لان صدور الأمر الولائي لابد أن يتوفر على ركنين الأول الاستعجال والثاني وجود نص في القوانين يجيز للمحكمة إصدار هذا الأمر وهذا ما استقر عليه القضاء العراقي في قرار محكمة التمييز العدد 101 / مدنية عقار/73 في 4/1/1972 المنشور في كتاب شرح قانون المرافعات للمرحوم عبد الرحمن العلام ص132 المشار إليه آنفاً.

4.    إن الأمر الولائي هو بمثابة القيد على حق المدعي (المستفيد) في استيفاء مبلغ تلك الخطابات على خلاف نص المادة (287) من قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 المعدل التي جاء فيها ( خطاب الضمان تعهد يصدر من مصرف بناء على طلب احد المتعاملين معه (الآمر) بدفع مبلغ معين او قابل للتعيين لشخص آخر (المستفيد) دون قيد أو شرط إذا طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب ، ويحدد في خطاب الضمان الغرض الذي صدر من اجله) حيث ان حكم تلك المادة طهر خطاب الضمان من إي قيد أو شرط بمعنى إن الطرفين إذا اتفقا على شرط يخالف نص تلك المادة لا يعتد به ، وأي قيد يمنع تسديد المبلغ أيضا لا يعتد به والقيود منها قيود قانونية وهي التي تصدر بموجب قانون او قرار له قوة القانون فأي تقييد لحق المستفيد في سحب مبلغ الخطاب يتقاطع مع طبيعة التزام المصرف تجاه المستفيد لأنه التزام مجرد عن كل العلاقات التي تكون بين أطرافه بمعنى انه مستقل على وفق ما ذكره القاضي موفق العبدلي في كتابه الموسوم ( آثار خطاب الضمان ـ منشورات مكتبة الصباح ـ طبعة بغداد 2010 ـ ص30) كما توجد قيود إدارية تصدر عن الإدارة مثلما توجد قيود قضائية ممثلة بالأمر الولائي محل بحث هذه الدعوى فتكون هذه القيود غير ذات اثر تجاه طلب المدعي على وفق نص المادة (287) تجارة.

5.    الأمر الولائي الذي قرره السيد قاضي محكمة بداءة الرصافة يكون ملزم لهذه المحكمة لو كان ذو نتيجة مؤثرة في هذه الدعوى، إلا انه غير ملزم لأنه صدر في دعوى ليس لها علاقة بموضوع خطاب الضمان وان إيقاف سحب مبلغ الخطاب ليس بذي جدوى لان المدعى عليه (المصرف المتحد) ملزم في كل الأحوال بتسديد المبلغ دون النظر إلى نتيجة الدعوى المنظورة من محكمة بداءة الرصافة وبذلك فان حكمة وجوده قد انتفت مما ينفي معه أثره الحكمي على وفق ما قال به فلاسفة الرومان (إن التشريع متى توقفت حكمته توقف حكمه) والذي تستأنس به المحكمة للمقايسة من اجل المقاربة بين الأمر الولائي والتشريع الذي توقفت حكمة وجوده

6.    من خلال ما تقدم تجد هذه المحكمة إن الأمر الولائي الذي أصدرته محكمة بداءة الرصافة لم يتوفر على أسبابه التي تلزم هذه المحكمة  بالتقيد فيه لأنه لم يصدر في دعوى تتعلق بموضوع خطاب الضمان وإنما كان في موضوع حول علاقة تعاقدية من شخص اجنبي عن هذه الدعوى.

 وبناءَ على الحيثيات أعلاه وعلى وجوب التزام المدعى عليه إضافة لوظيفته بتأدية مبلغ خطابات الضمان على وفق حكم المادة 287 تجارة وطلبه بسحب المبلغ خلال فترة نفاذه الخطابات أعلاه بموجب كتاب المدعي العدد11/008210 في 10/3/2011 والذي تبلغ المدعى عليه خلال فترة نفاذ تلك الخطابات على وفق كتابه العدد 8/283/840 في 6/4/2011 المبرز في اضبارة الدعوى العدد 932/ب/2011 المنظورة من محكمة بداءة الرصافة والمرفقة صورة طبق الأصل منها في هذه الدعوى، وفيما يتعلق بخطاب الضمان العدد (951/ 9769) في 17/6/2010 فان المدعى عليه ملزم فقط بالمبلغ الذي تم التمديد له والبالغ (617.304.565) ستمائة وسبعة عشر مليون وثلاثة مائة وأربعة ألف وخمسمائة وخمسة وستون دينار كما ان المدعى عليه ملزم بتأدية الفائدة القانونية للمدعي لان مبلغ خطاب الضمان معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام وهو عمل تجاري على وفق حكم المادة 171 مدني ومما تقدم وبالطلب قرر الحكم بإلزام المدعى عليه المدير المفوض للمصرف المتحد للاستثمار والتمويل إضافة لوظيفته بتأديته للمدعي الأمين العام مجلس الوزراء إضافة لوظيفته مبالغ خطابات الضمان العدد 951/9768 في 17/6/2010،951/9769 في 17/6/2010 و 951 /9770 في 17/6/2010 والبالغة اقيامها (40.234.304.565) أربعون مليار ومائتان وأربعة وثلاثون مليون وثلاثمائة وأربعة آلاف وخمسمائة وخمسة وستون دينار مع احتساب الفائدة القانونية البالغة 5% من تاريخ المطالبة القضائية في 10/8/2011 ولحين التأدية الفعلية وتحميله الرسوم والمصاريف وأتعاب محاماة لوكلاء المدعي الموظفين الحقوقيين (خ.ح.س.), (ز.و.ا.) و(ش.ك.ع.) مبلغ مقداره (150.000) مئة وخمسون ألف دينار توزع بينهم بالتساوي استنادا لأحكام المواد 287 تجارة 171 مدني 21, 25, 29 إثبات 63 محاماة 161 ,163, 166 مرافعات حكما حضوريا قابلا للاستئناف والتمييز وافهم علنا في 25/12/2011 الموافق 27/محرم/1433هـ

ثالثا: القسم (4) من الأمر 55 لسنة 2004 الملغى المتعلق بهيئة النزاهة العامة

المحرض الصوري ومسؤولية الموظف تجاه المواطن

نص الحكم القضائي المتعلق بتفسير المواد أعلاه

 تشكلت محكمة البداءة في الكرادة بتاريخ 6/3/2012 برئاسة القاضي السيد سالم روضان الموسوي المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي:

المدعي / رئيس هيئة النزاهة ـ إضافة لوظيفته ـ وكيله الموظف الحقوقي (ر.م.ع.).

المدعى عليهم / 1ـ غ

                   2ـ ج ، س ، ـ وكيله المحامي (ف.ا.).

القرار

لدعوى المدعي وللمرافعة الحضورية العلنية حيث ادعى بان محكمة جنح الكرادة أصدرت قرار الحكم العدد 544/ج/2010 في 6/3/2011 الذي قضى بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة بحق كل واحد من المدعى عليهم بعد إدانتهم على وفق حكم المادة (292) عقوبات واكتسب القرار أعلاه الدرجة القطعية بعد تصديقه من محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية، وحيث ان المدعى عليهم ترتب بذمتهم أموال تعود لدائرة المدعي ومقدارها (1,401,000) مليون وأربعمائة وواحد ألف دينار أعطيت لهم كمقدمة بقصد ضبطهم متلبسين بالجريمة المشهودة وحيث إنهم لم يعيدوا تلك الأموال، لذلك يطلب الحكم بإلزامهم بإعادتها مع احتساب الفائدة القانونية وتحميلهم الرسوم والمصاريف وأتعاب محاماة، وبعد المرافعة استمعت المحكمة الى الطرفين واطلعت على اللوائح القانونية المتبادلة بينهم وأنكر المدعى عليهم استلام المبلغ المدعى به وطلبوا رد الدعوى، ثم اطلعت المحكمة على اضبارة محكمة الجنح العدد 544/ج/2010 ولاحظت قرار الإدانة العدد 544/ج/2010 في 6/3/2011 الذي قضى بإدانة المدعى عليهم على وفق حكم المادة (292) عقوبات كما لاحظت قرار الحكم بالعقوبة وفيه فرض عقوبة الحبس البسيط لمدة سنة بحق كل واحد من المدعى عليهم وإعادة المبالغ المضبوطة الى هيئة النزاهة ومنح الجهة المشتكية الحق بالمطالبة بالتعويض . ثم اطلعت على إفادات المدعى عليهم المدونة أمام قاضي التحقيق وأمام محكمة الجنح بصفة متهمين كما وجدت المحكمة في الأوراق التحقيقية محضر (انتقال) نظمته شعبة العمليات الخاصة في هيئة النزاهة مؤرخ في 25/5/2010 ومذيل بتوقيع المخبر السري والمواطن (و) ومحقق هيئة النزاهة وفيه شرح عن انتقال المجموعة الى مكان يتواجد فيه المدعو ابو فرح لغرض الاتفاق معه على تزوير وثيقة دراسية وفيه إشارة إلى تسليمه مبلغ مقداره (1000) ألف دولار أمريكي والمبلغ أعلاه تم صرفه من المال الخاص لمحقق النزاهة (م.ع.ع.) بعد اخذ الموافقة الشفوية لرئيس هيئة النزاهة ، وورد في المحضر أعلاه إن المدعو ( ف) يمتهن تزوير الوثائق الدراسية ولم تجد المحكمة أي موافقة أو قرار من قاضي التحقيق يتعلق بالإذن في التعامل معه بالكيفية أعلاه . كما ان المحقق كان قد نظم عدد من المحاضر بتاريخ 6/6/2010حول ورود الإخبار وكذلك إفادة المخبر السري دون علم او موافقة قاضي التحقيق المختص في نظر قضايا النزاهة، ولاحظت المحكمة قرار قاضي التحقيق المسطر على اصل المطالعة المؤرخ في 15/6/2010 وجاء فيه الآتي (اطلعت ويتم إجراء الكمين لضبط كل من له علاقة متلبسا بالجرم المشهود وضبط كل ماله علاقة بالحادث) ثم اطلعت المحكمة على محضر ضبط الوثيقة المزورة ومبالغ مالية مقدارها (ثلاثة ملايين وخمسمائة وخمسة وخمسون إلف دينار عراقي) . ووجدت المحكمة إن الهيئة استلمت المبلغ أعلاه بموجب قرار قاضي التحقيق المؤرخ في 6/10/2010 . ثم بين وكيل المدعي إن المبلغ المطالب به لا يدخل ضمن المبالغ المضبوطة وإنما تم تسليمه إلى المدعى عليه الأول قبل مرحلة الضبط وعلى وفق ما مسطر ضبطا في محضر جلسة يوم 7/2/2012 واطلعت المحكمة على مطالعة شعبة العمليات الخاصة في الكرخ المرفوعة إلى رئيس هيئة النزاهة وفيها طلب صرف المبالغ التي صرفها المحقق (م) ووضح فيها بان هذه المبالغ صرفت من ماله الخاص لضرورات ضبط المتهمين بالجرم المشهود والمطالعة مؤرخة في 4/7/2010 كما لاحظت سند صرف بمبالغ متعددة وبأرقام مختلفة ولوحظ في المطالبة ان بعض المبالغ المصروفة يزعم صرفها إلى المدعى عليه الأول (بصفته متهم) . ومن خلال التحقيقات التي أجرتها المحكمة لم تجد أي وصل استلام أو إقرار قضائي لأي من المدعى عليهم باستلام المبلغ المطالب به كما لم يقدم المدعي أي دليل إثبات يشير إلى استلام المدعى عليهم المبلغ المذكور أعلاه وان كل ما تقدم به وما قدمه للإثبات لا تعدوا عن مطالعات رفعها محقق في دائرة المدعى عليه إلى رئيس الهيئة وحيث ان تلك المطالعات وان كانت منظمة من موظف رسمي ومكلف بخدمة عامة ،إلا إنها تعد سعي من المدعي لصنع الدليل لنفسه. إذ لا تعد من المحررات أو البينات الرسمية التي نظمت من موظف المشار إليها في حكم المادة (21) من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل التي جاء في الفقرة (أولا) منها الآتي (السندات الرسمية، هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود اختصاصه ما تم على يديه أو ما أدلى به ذوو الشأن في حضوره ) حيث إن محقق الهيئة لم يثبت ما تم على يديه من أوضاع قانونية فضلا عن الهيئة لم تكن في موضع تقديم الخدمة للمواطن على وفق الوضوح المتوفر عليه بان تلك الدائرة لديها صلاحية تقديم الخدمة بموجب القانون وإنما كانت الهيئة تنظم هذه المحاضر بقصد استغفال المدعى عليهم لضبطهم في الجرم المشهود على حد زعم محقق الهيئة وتجد هذه المحاضر حضور باعتبارها قرينة للمحكمة جواز الأخذ بها عند التصدي للموضوع بجانبه الجزائي حصرا وعلى وفق حكم المادة (213) أصول جزائية. وهذه المحاضر لم تتم على وفق مقتضى القانون لأنها لم تكن حين تنظيمها أو ممارسة الهيئة لنشاطها مغطاة بقرارات قضائية وإنما كانت على وفق اجتهاد شخصي من الموظف وقبول من رئيس الهيئة، وبذلك لا يمكن أن يكون إطلاع قاضي التحقيق على التصرف الذي أجراه موظف الهيئة لاحقا، بمثابة إضفاء المشروعية عليه وان القرار أعلاه المؤرخ في 6/10/2010 كان يتعلق بضبط المتهم بالجرم المشهود فقط، لذلك تجد هذه المحكمة إن سلطتها التقديرية تمنحها حق إهدار تلك المحاضر وان لا تعتد بها لانعدام قيمتها القانونية، فضلا عن محاضر الضبط المنوه عنها لم تكن تتعلق بالمبالغ المطالب بها في هذه الدعوى وإنما بالمبالغ المضبوطة والتي استرجعتها الهيئة وعلى وفق ما أفاد به وكيل المدعي المسطر ضبطا في محضر جلسة يوم 7/2/2012 . أما عن تبرير محقق هيئة النزاهة بان دفع المبالغ المزعومة لغرض ضبط المتهم في الجرم المشهود فان المحكمة ترى بأنه لا يتوفر على أسبابه القانونية لان مفهوم الجريمة المشهودة يدل على إنها تلك التي تشاهد عند وقوعها أو يقبض على فاعلها أثناء أو فور ارتكابه لها، أو يلاحق فيها بناءً على صراخ الناس، أو الجريمة التي تكتشف فور الانتهاء من ارتكابها في وقت تدلّ آثارها عليها بشكل واضح، أو يضبط فيها مع شخص أو أكثر أشياء أو أسلحة أو أوراق تدل على أنه مرتكبها وعلى وفق حكم الفقرة (ب) من المادة (1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل، وهذا يعني إن المحاضر التي ينظمها عضو الضبط القضائي هي التي يباشر بها عند مباشرته لمهامه بعد وقوع الفعل الجرمي أو الشروع فيه وليس في مرحلة التخطيط والمساهمة مع الجاني في ارتكاب الفعل الجرمي،  كما إن التصنت على المدعى عليهم دون موافقة القضاء يعد خرق لحق الإنسان في الخصوصية التي أقرتها المادة (44) من دستور العراق لعام 2005 مما لا يرتب معه ذلك الإجراء أي اثر تجاه المواطن سواء كان المدعى عليهم أو غيرهم، وتجد المحكمة ان تصرف المدعي بواسطة موظفيه لم يكن سعي للضبط بالجرم المشهود وإنما يدخل ضمن المساهمة الجنائية لأنه دفع الجاني إلى ارتكاب الفعل وحصل الجرم بناء على ذلك الدفع والذي يندرج ضمن منطوق الفقرة (1) من المادة (48) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل وان كان القائم بفعل التحريض موظف حكومي أو مخول بسلطة ومن أعضاء الضبط القضائي إذ يرى بعض من فقهاء القانون الجنائي ان التحريض بعدة صور 0قاعل معنوي أو محرض صوري أو محرض اصلي ) بالتحريض الصوري الذي يقوم به رجال السلطة كوسيلة لضبط الجناة وتجد المحكمة أن هذه الوسيلة غير مشروعة لان هذا التحريض خلق فكرة ارتكاب الجريمة في ذهن الجاني وتمت بناء على هذا التصور لان مهمة السلطة العامة الكشف عن الجريمة وإماطة اللثام عن مرتكبيها وعليها ان تبذل قصارى جهدها في ذلك لا ان تهدر كرامة المواطن بحمله على ارتكاب جريمة مما يعدم الاستقرار الاجتماعي والأمني في المجتمع وهذا ما ذكره القاضي اللبناني مصطفى العوجى في كتابه الموسوم ( القانون الجنائي العام ـ المسؤولية والجزاء ـ طبعة بيروت عام 1985 ـ مؤسسة نوفل ـ ج2ـ ص 215) وحيث ان هيئة النزاهة بمحققيها أسهمت في خلق الجريمة فتكون مسؤوليتها متحققة تجاه تبديد الأموال العامة دون مراعاة القواعد القانونية في تنفيذ واجباتها ، فضلا عن صلاحيات المحقق في هيئة النزاهة هي ذاتها الممنوحة إلى المحقق القضائي المشار اليها في المواد (49 ـ 69) أصول جزائية مع ما له من خصوصية على وفق حكم الفقرة (5) من القسم (4)من أمر سلطة الائتلاف (55) الملغى، والذي كان نافذا وقت وقوع الحادث المزعوم محل بحث هذه الدعوى، وتجد المحكمة من كل ما تقدم ان المدعي لم يوفر الدليل المعتبر قانونا لإثبات الادعاء باستلام المدعى عليهم للمبلغ المطالب به في هذه الدعوى، فضلا عن التصرف المزعوم على فرض صحته يعد تصرف شخصي لا يستند إلى نص في القانون أو قرار قضائي ويكون فاقد لشرعيته ، كما وجدت المحكمة إن قرار محكمة جنح الكرادة الذي أسس عليه المدعى لدعواه لا علاقة له بموضوع المبالغ المطلب بها لان مادة الإدانة (292) عقوبات تتعلق بمن توصل بانتحال اسم كاذب أو شخصية كاذبة إلى الحصول على أية رخصة رسمية أو تذكرة هوية أو تذكرة انتخاب عام أو تصريح نقل أو انتقال أو مرور داخل البلاد، وبذلك فان المحكمة وجدت إن الدعوى خالية من الأسباب القانونية للمطالبة تجاه المدعى عليهم وتكون واجبة الرد من هذه الجهة ومما تقدم وبالطلب قرر الحكم برد دعوى المدعي رئيس هيئة النزاهة إضافة لوظيفته وتحميله الرسوم والمصاريف وأتعاب محاماة لوكيل المدعى عليه الثاني المحامي (ف.ا.) مبلغ مقداره (150,000) مئة وخمسون ألف دينار استنادا لأحكام المواد 21 ، 25 ، 59 إثبات 161 ، 163 ، 166 مرافعات 63 محاماة حكما حضوريا قابلا للاستئناف والتمييز وافهم علنا في 6/3/2012 الموافق 12/ربيع الثاني/1433 هـ .

الخاتمة

بعد العرض في الورقة أعلاه نجد إن اثر الصياغة التشريعية كبير في حفظ الحقوق وصيانتها لأنها من الممكن أن تكون وسيلة لفقدانها أن قننت بصياغة مرتبكة لا تراعى فيها أصول علم الصياغة التشريعية ، ولاحظنا الآثار المتعددة للتشريع وارى إنها تدور وجودا وعدما مع الحاجة الإنسانية ولأنها متشعبة وعديدة فان هذه الآثار غير محددة أو معدودة مما يحتم على المختصين بمراعاة الصياغة التشريعية مراعاة الأصول الفنية ولتعزيز متانة وجزالة وقوة التشريع اقترح أن يتولى مجلس النواب تأسيس مركز أو هيئة أو أي تشكيل آخر يتولى مهمة الصياغة التشريعية بعد إقرار فكرة أو مقترح القانون من مجلس النواب ويكون أعضاء هذا التشكيل عدد من أهل الاختصاص في علم الصياغة التشريعية و علم الاجتماع واللغة العربية لا بمعنى مصحح لغوي وإنما له معرفة بأسلوب البلاغة وفقه اللغة وعلم الألسن مثلما يكون في التشكيل أعضاء من أهل المعرفة بالعلوم السياسية والاقتصادية ولهذا التشكيل أن يستعين بأشخاص من خارجه بالتعاقد معهم مثلما معمول به في البلدان المتقدمة في هذا المضمار ويتولى هذا التشكيل مهمة إعداد المسوحات التشريعية ودراسة الجدوى الاجتماعية والاقتصادية للقوانين وتقديم الدراسات والمشورة إلى أعضاء مجلس النواب في المواضيع التي تكون محل للنقاش ، ونأمل في هذه الورقة إن تثير عناية القائمين على العملية التشريعية في البحث عن حلول لتدارك النقص في الصياغة التشريعية.

القاضي

سالم روضان الموسوي



الهوامش


[1] الدكتور أكرم الوتري (صياغة القوانين) بحث المنشور في مجلة القضاء العدد الثالث عام 1971 التي تصدر عن نقابة المحامين في العراق ص35

[2] نشر في الوقائع العراقية رقم العدد 4059 في 3/11/2008

[3] الدكتور فخري عبدالرزاق الحديثي ـ قانون العقوبات ـ الجرائم الاقتصادية ـ منشورات جامعة بغداد عام 1981 ـ ص96

[4] الوقائع العراقية العدد 4140 في 28/12/2009

[5] نص المادة (2) من قانون تعويض المتضررين من جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم 40 لسنة 2009

 (يشمل التعويض المنصوص عليه في هذا القانون الأضرار المتمثلة في : 

أولاً : الاستشهاد و الفقدان جراء العمليات المذكورة في هذا القانون . 

ثانياً : العجز الكلي أو الجزئي بناء على تقرير لجنة طبية مختصة . 

ثالثاً : الإصابات والحالات الأخرى التي تتطلب علاجاً مؤقتاً بناء على تقرير اللجنة الطبية المختصة في هذا المجال. 

رابعاً : الأضرار التي تصيب الممتلكات . 

خامساً : الأضرار المتعلقة بالوظيفة والدراسة .)

[6] نص المادة (300) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1979 المعدل (تنقضي الدعوى الجزائية بوفاة المتهم او صدور حكم بات بإدانته أو براءته أو حكم أو قرار بات بعدم مسؤوليته عن الجريمة المسندة إليه أو قرار نهائي بالإفراج عنه أو بالعفو عن الجريمة أو بوقف الإجراءات فيها وقفا نهائيا أو في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.)

[7] الدكتور فخري عبدالرزاق الحديثي ـ مرجع سابق ـ ص12

[8] نص المادة (25) من دستور العراق لعام 2005 (تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته)

[9] نص المادة (25) من دستور العراق لعام 2005 (تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة، وينظم ذلك بقانون)

[10] الدكتور فخري عبدالرزاق الحديثي ـ مرجع سابق ـ ص96

[11] نص المادة (7) من قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته رقم 41 لسنة 2008 (على وزير المالية بالتنسيق مع وزير النفط إصدار تعليمات لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون)

[12] نص الفقرة (خامسا) من المادة (19) من دستور العراق لعام 2005 (المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة، ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرةً اخرى بعد الافراج عنه، الا اذا ظهرت ادلّة جديدة )

[13] نص المادة (95) من دستور العراق لعام 2005 (يحظر إنشاء محاكم خاصة أو استثنائية)

[14] نص الفقرة (الحادية عشر) من قانون الكمارك 23 لسنة 1984 المعدل (الخط الكمركي – الخط المطابق للحدود السياسية الفاصلة بين الجمهورية العراقية وبين الدول المتاخمة لها ولشواطئ البحار المحيطة بها)